تعتبر الفترة التي مرت على الظهور الأول للعملات الرقمية كافية بعض الشيء، لتقوم الدول التي فتحت أبوابها لهذا المجال، بوضع التشريعات المناسبة التي تقونن التعامل بالعملات الرقمية، وتسمح باستثمارها بشكل شرعي وضمن أسس محددة، تضمن كافة الحقوق لجميع الأطراف المستثمرة والمتداولة.
واختلفت بالطبع هذه التشريعات بين دولة وأخرى، كل حسب إمكانياته المتاحة، وحجم الاستثمار للعملات الرقمية المتواجد ضمن حدود الدول، مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي كانت ذات تأثير إيجابي أو سلبي في عملية نمو الاستثمار وازدهاره، والمرتبط بمرونة التشريعات المفروضة والبيئة الاستثمارية المتوفرة في السوق المحلية لكل دولة.
وتميزت بعض الدول بفرض إجراءات صارمة وحازمة مع العملات الرقمية، حيث وصل الأمر في بعض الدول إلى حظر التعامل بها بتاتا، كما هو حال كل من قطر ومصر والصين. لكن في العموم تتنافس الدول وتتسابق على استخدام تقنية بلوكتشين الثورية، التي أحدثت ثورة تقنية في الآونة الأخيرة، من خلال ما قدمته من تسهيلات وميزات في مختلف مجالات الحياة.
سنقوم عزيزي القارئ بتوفير المعلومات عن أفضل الدول التي قامت بوضع جهودها وصب تركيزها على توفير بيئة مناسبة ومرنة، من أجل الاستثمار المريح في سوق العملات الرقمية سواء المحلية أو الأجنبية، لتعتبر بذلك من الدول الصديقة للعملات الرقمية ، من خلال معدلات الضرائب المنخفضة ونسب التبني والاستخدام المرتفع التي حققتها، ناهيك عن توفيرها بنية تحتية ملائمة لتخديم هذا القطاع بشكل مريح.
وقد قمنا بإيراد هذه الدول وفق عدة معايير علمية واختصاصية لعل أبرزها:
الدولة | الرسوم المفروضة على الاستثمار | حجم التبني | عدد أجهزة صراف البيتكوين |
---|---|---|---|
السلفادور | لا توجد ضرائب على المستثمرين الأجانب | 60% من السكان | 212 |
سنغافورة | لا توجد ضرائب على الأرباح المكتسبة من رأس المال | 22% من السكان | 8 |
سلوفينيا | لا توجد ضرائب على الأرباح المكتسبة من رأس المال أو ضرائب القيمة المضافة على العملات الرقمية | أكثر من 10% من السكان | 23 |
البرتغال | لا توجد ضرائب على الأرباح المكتسبة من رأس المال أو ضرائب القيمة المضافة على العملات الرقمية | 2.5% من السكان | 7 |
سويسرا | لا توجد ضرائب على الأرباح المكتسبة من رأس المال للمستثمرين من القطاع الخاص | 11% من السكان | 149 |
ألمانيا | لا توجد ضرائب على الاستثمارات طويلة الأجل التي مضى عليها عام على الأقل | 5% من السكان | 60 |
إستونيا | لا توجد رسوم القيمة المضافة على العملات الرقمية | 3% من السكان | 3 |
هولندا | تخضع للضرائب على أساس اعتبار العملات الرقمية مثلها مثل أي قطاع تجاري آخر | 3% من السكان | 21 |
كندا | تخضع للضرائب على أساس اعتبار العملات الرقمية مثلها مثل أي قطاع تجاري آخر | 3.2% من السكان | 2525 |
الفلبين | لا توجد أية ضريبة على الاستثمارات الأقل من 4500 دولار لكن بعد ذلك يتم تحصيل ضريبة على المكاسب تصل إلى 35% | 15% من السكان | 6 |
1
ظهرت هذه الدولة الصغيرة من أواسط القارة العجوز أوروبا، لتكون الملاذ الآمن والحصن المنيع للعملات الرقمية، في ظل صراع بين مختلف الدول تسعى من خلاله لفرض هيمنتها على السوق أوترك بصمة مؤثرة فيه.
يمكن اعتبار سلوفينيا الدولة الأوروبية الأمثل لاستثمار العملات الرقمية ضمن القارة الأوروبية بأكملها، ذلك إن كان وراءه سبب فإنه سيكون بسبب تشجيع الحكومة بشكل رسمي وكبير على الانتقال للعمل وفق تقنية بلوكتشين، إضافة إلى أنها لا تفرض أية ضرائب على عملية تداول العملات الرقمية.
تمتلك دولة سلوفينيا أعلى القيم السوقية للمشاريع الاستثمارية الفردية في سوق العملات الرقمية في البلاد، الأمر الذي يشكل زخم نجاح مرتفع لمختلف الشركات الناشئة، إضافة إلى أن عاصمتها ليوبليانا تعتبر أكثر مدن الدولة صداقة للعملات الرقمية على مدار عام 2022 بأكمله.
ولعل أكثر ما تتميز به عاصمتها هو مركز BTC City، الذي يعد أكبر مراكز التسوق والأعمال والابتكار في أوروبا، حيث يملك أكثر من 500 متجر يقبل التعامل بالعملات الرقمية. وتجدر الإشارة إلى قضية مهمة، وهي أنه سيتوجب عليك دفع ضريبة تصل إلى 25% من إجمالي مدخولاتك المكتسبة في حال كنت من المعدنين أو المدققين فقط.
2
تمتلك دولة ألمانيا أسلوبها الخاص في التعامل مع سوق العملات الرقمية، حيث تَعتبر العملات الرقمية بالنسبة لها استثمارا خاصا بكل مستخدم، وليس مثل أية عملة تقليدية كاليورو والدولار، الأمر الذي جعل منها متميزة عن بقية الدول المنافسة لها.
لا تفرض الحكومة الألمانية رسوما على العملات الرقمية التي مضى على شرائها أكثر من 12 شهرا، شريطة ألا يتجاوز حجم معاملة البيع الواحدة 600 يورو، لكن يمكن التحايل على ذلك بإجراء عدة عمليات بيع. وبالتالي ننصح كل من يريد أن يدخل سوق العملات الرقمية باستثمار طويل الأجل، أن يذهب للسوق الرقمية الألمانية.
تُعتبر العاصمة الألمانية برلين أحد أهم المحاور الأساسية في عالم العملات الرقمية، على اعتبار أنها مقر لعدة شركات بلوكتشين هامة أمثال نظام تشغيل بلوكتشين نفسه، وشركة EOS وشركة IOTA، إضافة إلى كونها من أول المدن التي بدأت بقبول العملات الرقمية كوسيط في عمليات دفع الفواتير وتحصيل الضرائب.
3
تعتبر دولة البرتغال الأفضل بين المنافسين من حيث معدلات الضريبة المنخفضة حاليا، وخاصة عدم فرضها أية ضريبة كذلك على استثماراتك في سوق العملات الرقمية، طالما كنت تستثمر بشكل فردي.
إضافة إلى أنها ألغت ضريبة القيمة المضافة VAT عن عمليات بيع وشراء العملات الرقمية.
توفر البرتغال بيئة استثمار مثيرة وملفتة للنظر، وخاصة بعد وضعها خطة العمل الانتقالية لعام 2020 المرتبطة بالأطراف المستثمرة في سوق العملات الرقمية العالمية، إضافة إلى تقديم إعفاء ضريبي على الاستثمارات الأجنبية قد تصل حتى 10 سنوات.
وقامت دولة البرتغال مؤخرا بإطلاق برنامج التأشيرة الذهبية، والذي سيمكن المقيمين من خارج دول الاتحاد الأوروبي، بالحصول على إذن إقامة وجواز سفر برتغالي، في حال القيام بالاستثمار في العملات الرقمية إلى حد معين، يؤهلهم للحصول على تلك الميزة الذهبية.
4
تمتلك سويسرا نظاما مصرفيا عالي الخصوصية والذي يتميز بانخفاض مستوى الضرائب، وقد انطلقت من هذه الركيزة الأساسية نحو بناء مكانة مميزة لها في سوق العملات الرقمية كذلك، من خلال توفير بيئة استثمار مريحة ومرنة لمختلف الجهات المستثمرة.
وتعتبر دولة سويسرا أحد الأصدقاء المخلصين للعملات الرقمية، رغم أنها ليست من الدولة الأكثر تسامحا بخصوص الضرائب، إلا أن سياسة الدولة في التعامل مع العملات الرقمية كما هي السياسة المتبعة مع عملتها الرسمية، حيث تصنف البيتكوين على أنها عملة قانونية ورسمية في بعض مناطق الدولة. إضافة إلى إطلاقها العديد من مشاريع العملات الرقمية وتوفير مختلف الخدمات، لعل آخرها كان اعتماد البيتكوين بشكل رسمي في مدينة لوغانو.
ورغم أن السوق السويسرية هي سوق ناشئة، إلا أنها تعتبر مناسبة جدا لمن يريد البدء في الاستثمار بسوق العملات الرقمية. وستحصل على إعفاء ضريبي بشكل كامل على الأرباح، إذا كنت تريد الاستثمار بشكل فردي، بينما الأمر على عكس ذلك في الاستثمارات ذات الطابع المهني والاحترافي.
تكون سويسرا الموطن الأم للعديد من الشركات البارزة في عالم العملات الرقمية، إذ كانت أول من قبل مدفوعات البيتكوين، وذلك عام 2016 في مدينة Zug السويسرية، وباتت اليوم تعرف باسم Crypto Valley، التي تعتبر مركزا لمختلف شركات بلوكتشين الناشئة والجهات الخدمية المرتبطة بها.
إضافة إلى كونها أول من سمح لشركات العملات الرقمية بفتح حسابات تجارية في عام 2018، الأمر الذي أوصل البيتكوين إلى مكانة مرموقة.
كان من نصيب سويسرا أن تكون موطنا لشركات أخرى ناشئة في هذا المجال، التي حققت نموا متسارعا بسبب البيئة التي وفرتها الحكومة المحلية، أمثال Cardano وDfinity وBancor وTezos.
5
تتبع هولندا سياسة تعامل بنّاءة في مختلف المجالات لا سيما الجديدة منها، ولعل ذلك قد برز كذلك في تعاملها مع مفهوم العملات الرقمية، والتي رحبت به بطريقة مبدعة، من خلال ما وفرته من لوائح قانونية مرنة وبسيطة، وتسهيلات للمستثمرين والشركات ذات الاستثمارات الرقمية، الأمر الذي جعلها أحد أهم الداعمين والمؤيدين للعملات الرقمية بالعموم.
وتؤكد الحكومة الهولندية أنها تتبع تعليمات وتوصيات مجموعة العمل المالي FATF، من أجل تنظيم سوق العملات الرقمية والاستثمار فيها بالشكل الأمثل.
6
تصنف دولة كندا على أنها أحد أفضل الدول التي تمتلك بيئة استثمار قوية للعملات الرقمية، على الرغم من مساعيها الأخيرة في تحويل السوق المحلية إلى مركزية. وترحب الدولة الكندية بهذا المجال ورواده بشدة، إذ لا يوجد أي تشريع يعترض طريق تداول العملات الرقمية.
وتعاني شركات العملات الرقمية من أمر واحد فقط، وهو التسجيل في مركز تحليل المعاملات المالية والإبلاغ الكندية FINTRAC، من أجل شرعنة عملها في السوق المحلية.
تجدر الإشارة إلى أن كندا تمتلك بنية تحتية مميزة، والتي تعتبر الأكثر امتلاكا لأجهزة الصراف الآلي التي تقدم الخدمات المرتبطة بالبيتكوين، إضافة إلى سماح العديد من المصارف الكندية بالمعاملات القائمة على العملات الرقمية، الأمر الذي يجعل التعامل بالعملات الرقمية واسع الانتشار في عموم البلاد.
7
تعتبر سنغافورا أحد الاقتصادات الآسيوية المتطورة والمزدهرة، والتي تشكل وجهة جذب لمستثمري العملات الرقمية من مختلف أنحاء العالم، بسبب التقدم التقني ذو المستويات العالية.
فتحت سنغافورا أبوابها للاستثمارات في مجال العملات الرقمية بشكل ملحوظ، إذ لا تفرض ضرائبا على رأس المال المستثمر في العملات الرقمية، كذلك أعفت المعاملات المرتبطة بالعملات الرقمية من الرسوم الضريبية من قبل الحكومة، على اعتبار أنها شبيهة للمقايضة التجارية.
ويقوم البنك المركزي السنغافوري بالتعاون مع السلطات الحكومية بفرض رقابة حثيثة على أنظمة بلوكتشين، في سبيل منع أي نشاط غير شرعي، في الوقت نفسه فإنها ترحب بهذه التقنية المتطورة، حيث ترى منها تقنية مميزة توفر أسلوبا فريدا في إنشاء أسواق العملات الرقمية التي تكون محط أنظار الجهات القانونية والتنظيمية.
8
ألهمت دولة السلفادور العديد من الدول لاتباع خطاها في تبني العملات الرقمية، حيث كانت أول من تبنى البيتكوين كعملة شرعية ضمن البلاد إلى جانب الدولار، بعد إصدارها قانون البيتكوين عام 2021، ومن ثم إنشاء مكتب وطني للبيتكوين، الأمر الذي جعل الشركات المحلية تذهب للتعامل بهذه العملة، لكن وفق القيود والقوانين التي وضعتها.
تسعى الحكومة أيضا إلى تنمية اقتصادها الرقمي عبر توفير بيئة استثمارية تجذب الشركات والمستثمرين الرقميين. يذكر أن السلفادور لا تفرض ضرائب على المستثمرين الأجانب، الأمر الذي يجعل منها محط أنظار كبار مستثمري العملات الرقمية.
يتبنى نجيب بقيلة، رئيس دولة السلفادور، مشروعه الخاص في جعل أمريكا الوسطى محورا هاما في سوق العملات الرقمية، الذي يعتبر أحد أكبر داعمي العملات الرقمية وصديقا وفيا لها. وتمتلك بلاده شريحة كبيرة ممن يستخدم العملات الرقمية، إذ يوجد أكثر من 4 ملايين مستخدم بنسبة 60% من إجمالي السكان ممن يتعامل بالبيتكوين وبقية العملات الرقمية.
9
تسعى إستونيا إلى صنع ثورة اقتصادية من خلال جذب مختلف شركات التكنولوجيا في العالم، عبر وضع قوانين وتشريعات مرنة وبسيطة تشجع على الاستثمار في البلاد. وتعتبر إستونيا أحد القلائل التي تستطيع فيها شركات العملات الرقمية العمل فيها بشكل قانوني وفق القوانين الموضوعة، ناهيك عن سعي الدولة إلى إطلاق عملة رقمية وطنية خاصة بها تسمى Estcoin.
لكن رغم خططها الكبيرة في تطوير الاقتصاد، إلا أنها تفرض رسوما على الأرباح ورأس المال المستثمر في سوق العملات الرقمية المحلية، مثلها مثل أي نشاط تجاري آخر. رغم ذلك فإن القطاع المالي الحكومي يدعم قطاع العملات الرقمية ويؤيد انتشارها، إذ يعتبر بنك LHV أول البنوك التي بدأت بالعمل وفق تقنية بلوكتشين.
10
احتلت الفلبين المركز الأول من حيث استخدامها للعملات الرقمية والخدمات المرتبطة بها، إذ تمتلك أكثر من 11.1 مليون شخص يتداول العملات الرقمية في عموم الفلبين.
وتظهر بيانات BSP أن سوق الفلبين للعملات الرقمية يشهد حركة ازدهار مذهلة، إذ ارتفع حجم تداول العملات الرقمية لديها بنسبة 362% خلال النصف الأول من عام 2021 على أساس سنوي، حيث بلغت إجمالي قيم المعاملات المالية المرتبطة بالعملات الرقمية 105.93 مليار بيزو فلبيني، والتي تعادل 1.8 مليار دولار.
وتهتم الحكومة الفلبينية بشكل كبير بتقنيات بلوكتشين والعملات الرقمية، إذ تسعى لتعميم استخدام هذه التقنية في مجالات الرعاية والمساعدات الطبية والدعم المالي والسجلات والعلامات التجارية، وكذلك استخدامها في إصدار تأشيرات السفر ومنح الجوازات.
ويسعى البنك المركزي الفلبيني لإصدار عملة رقمية تجريبية وطنية تقوم على تقنية بلوكتشين، مع استمرار الجهات التنظيمية في وضع القوانين التي تُنظم استثمار العملات الرقمية في البلاد، وتحل المشكلات وتزيل العقبات التي تواجه هذا المجال المهم، بحيث تكافح محاولات غسل الأموال ومشاريع تمويل الإرهاب.
توجد عدة دول لا تقوم بتحصيل رسوم على رأس المال المستثمر والأرباح المكتسبة منه، مثل سلوفينيا والسلفادور وسنغافورا، لكن معظمها يشترط في ذلك أن يكون استثمارك الرقمي ذات طابع استثمار فردي وليس كما هو الحال عند شركات العملات الرقمية.
تعتبر ألمانيا أكثر دولة تكون فيها نسب الضرائب على استثمارات العملات الرقمية منخفضة، ناهيك عن كونها تمتلك سوق رائدة ومميزة ذات تشريعات ولوائح تنظيمية مرنة.
نعم توجد، فتعتبر دولة الإمارات العربية أحد أهم المهتمين بتقنيات بلوكتشين والعملات الرقمية، التي تسعى لتوسيع نطاق العمل بها من خلال فرض تشريعات تسهل دخول الدولة في هذا المجال، وتعتبر العاصمة دبي أحد أهم مراكز الثقل في منطقة الشرق الأوسط، التي تتيح للمستثمرين العمل بشرعية تامة وبدون أية ضرائب على الأرباح.
تعتبر دول سنغافورة وهولندا وإستونيا الخيار الأمثل لاستثمار قانوني مريح.
نعم توجد العديد من الدول ممن فرض حظرا شاملا على التداولات المرتبطة بالعملات الرقمية، أبرزها كان من الدول العربية، مثل الجزائر ومصر والعراق وتونس وقطر والمغرب والعراق، إلى جانبها كذلك دول غير عربية مثل بنغلادش ونيبال والصين.