استمر التقدم في التنمية العالمية للعملات الرقمية للبنوك المركزية منذ العام الماضي، مع التركيز بشكل خاص على الاقتصادات الناشئة حيث يُنظر إلى العملات الرقمية على أنها وسيلة لتوفير الوصول المالي للأفراد الذين لا يتعاملون مع البنوك.
يقوم بنك التسويات الدولية بإجراء مسح لمدة ست سنوات لفهم الدافع والنوايا وراء مشاركة البنوك المركزية في عملات البنوك المركزية الرقمية، مع التركيز على تعزيز المدفوعات عبر الحدود.
وفقاََ لدراسة الاستقصائية قام بها بنك التسويات الدولية (BIS) مؤخراََ، فقد عرض مسحاََ بيانياََ حول العملات الرقمية الوطنية، وكشف أن ما يقارب من 24 بنكاََ مركزياََ من مختلف دول العالم يخططِّون لتقديم عملاتهم الرقمية للبنك المركزي (CBDCs) في السنوات المقبلة، وجمع المسح البياني استطلاع من 86 بنكاََ مركزياََ من جميع أنحاء العالم، مما يسلط الضوء على الاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية وتأثيرها المحتمل على الأنظمة المالية العالمية.
أطلقت أربعة دول فقط في جميع أنحاء العالم عملاتها الرقمية الوطنية رسمياََ حتى الآن، إلا أن أحدث مسح لبنك التسويات الدولية أظهر زيادة كبيرة في الاهتمام بين البنوك المركزية حيث شارك 93٪ من المشاركين بنشاط في الأعمال المتعلقة بالعملة الرقمية الوطنية.
وعلاوة على ذلك، يكشف الاستطلاع أن 60٪ من البنوك المركزية صرحت بأن ظهور العملات المستقرة والعملات الرقمية الأخرى قد أدى إلى تسريع جهودها في تطوير عملاتها الوطنية الرقمية.
كما ويشير الاستطلاع إلى أن عشرين بنكاََ مركزياََ يخططون لتداول عملاتهم الرقمية بحلول نهاية العقد أي حتى عام 2030، وضمن مساحة البيع بالتجزئة يخطط 11 بنكاََ مركزياََ للانضمام إلى دول مثل جزر الباهاما وشرق الكاريبي وجامايكا ونيجيريا، والتي لديها بالفعل عملات بيع بالتجزئة إلى جانب البيع بالجملة، كا وتعتزم تسعة بنوك مركزية تقديم عملات رقمية وطنية بالجملة، والتي يمكن أن توفر للمؤسسات المالية إمكانية الوصول إلى وظائف جديدة من خلال العملات الرقمية.
واستناداََ إلى عدد الدول التي أشارت إليها الدراسة والتي من المحتمل جداََ أن تصدر عملتها الوطنية على مدار السنوات القليلة المقبلة، فقد يكون هناك 15 عملة رقمية وطنية للبيع بالتجزئة وتسعة للبيع بالجملة متداولة علناََ بحلول عام 2030.
استمر التقدم في التنمية العالمية للعملات الرقمية الوطنية منذ العام الماضي، مع التركيز بشكل خاص على الاقتصادات الناشئة حيث يُنظر إلى العملات الرقمية على أنها وسيلة لتوفير الوصول المالي للأفراد الذين لا يتعاملون مع البنوك، ويقترح بنك التسويات الدولية أيضاََ أنه إذا تم تقديم عملات رقمية وطنية للبيع بالتجزئة، فمن المحتمل أن تكمل وتتعايش جنباََ إلى جنب مع طرق الدفع المحلية الأخرى.
فمثلاََ البنك الوطني السويسري يخطط لإصدار عملة رقمية وطنية مخصصة للبيع بالجملة كجزء من برنامج تجريبي، بينما يمضي البنك المركزي الأوروبي قدماََ في برنامج اليورو الرقمي التجريبي بهدف إطلاق محتمل في عام 2028، ودول أخرى مثل الصين والهند والبرازيل أعلنوا عن خطط لطرح عملاتهم الرقمية الوطنية قريباََ.
ويثير الاستطلاع مخاوف بشأن العملات المستقرة والعملات الرقمية الأخرى، مشيراََ إلى أنه إذا تم استخدامها على نطاق واسع للمدفوعات، فقد تهدد الاستقرار المالي، إذ أدت الأحداث الأخيرة في سوق العملات الرقمة، بما في ذلك إنهيار شبكة تيرا ومنصة FTX وإفلاس البنوك الأمريكية التي تخدم مزودي العملات الرقمية، إلى زيادة هذه المخاوف وأثارت عمليات بيع بين المستثمرين.
كما وأجرى ما يقارب من 40٪ من البنوك المركزية التي شملها الاستطلاع دراسات حول استخدام العملات المستقرة وغيرها من الأصول الرقمية بين المستهلكين أو الشركات، مما يشير إلى الاعتراف المتزايد بالحاجة إلى فهم تداعيات هذه الأصول الرقمية على استقرار الأنظمة المالية.
يؤكد مسح بنك التسويات الدولية على الزخم المتزايد تجاه العملات الرقمية الوطنية، حيث تستكشف العديد من البنوك المركزية بنشاط تنفيذها المحتمل، مع استمرار تطور هذه العملات الرقمية والتي لربما لديها القدرة على إعادة تشكيل مستقبل الاقتصادات العالمية وتعزيز الاستقرار المالي وإحداث ثورة في المدفوعات عبر الحدود.