رمضانيات

أهمية الدعاء وفوائده وأسرار قبوله

الدعاء: هو صلة الوصل بين العبد وربّ العالمين، وهو الوسيلة التي تقرّب المؤمن من الله سبحانه وتعالى لنيل محبته ورضاه وغفرانه في الدنيا والآخرة، وليُعبّر المؤمن من خلاله على مدى ثقته برب العالمين وإيمانه بقوته ووحدانيته، فيما يلي سنقدم لك أسرار قبول الله سبحانه وتعالى لدعاء الإنسان.

أولًا: فوائد وأهمية الدعاء

للدعاء فوائد كثيرة نذكر لك أبرزها:

  • يحصل المؤمن من خلال الدعاء على أجرٍ وثوابٍ عظيم من رب العالمين
  • يُقرّب الدعاء المؤمن إلى الله تعالى، ويفتح أمامهُ كل الأبواب المغلقة
  • يرد الدعاء كل المصائب والمشاكل والخلافات عن المؤمن
  • يحمي الدعاء المؤمن من الوقوع في فخ التكبر
  • يفرج الدعاء الهم والكرب عن المؤمن

ثانيًا: الأوقات الأفضل لاستجابة الدعاء

إنّ أفضل وقت لاستجابة الدعاء هو ما بين الأذان والإقامة، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة).

الدعاء في آخر الليل أو في جوف الليل، هذا الوقت الذي يتنزّل فيهِ الله تعالى إلى السماء الدنيا، ويُنادي عبادهِ لدعائهِ ويُجيبهم، وهنا قال الرسول محمد صلى الله عليهِ وسلم في حديثه الشريف (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له حتى ينجر الفجر.

وقت السجود خلال أداء الصلوات الخمسة، حيثُ قال صلى الله عليه وسلم (أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.

الدعاء في آخر كل صلاة، حيثُ قال الرسول الكريم محمد عليهِ الصلاة والسلام (ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو.

الدعاء آخر يوم الجمعة، وبالتحديد من بعد العصر حتّى غروب الشمس، حيثُ قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام (في يوم الجمعة ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئًا وهو قائم يصلي إلا أعطاه الله إياه.

  • الدعاء يوم عرفة، وخلال أيّام الحج
  • الدعاء في شهر رمضان المبارك
  • الإفطار بدقائق
  • الدعاء ليلة القدر
  • الدعاء عند نزول المطر، حيثُ تكون أبواب السماء مفتوحة لاستجابة الأدعية من المؤمنين والصالحين
  • الدعاء وقت الشدة والمرض، حيث يكون الإنسان وقت مرضهِ قريبًا من رب العالمين

ثالثًا: أسرار وشروط قبول الله سبحانه وتعالى لدعاء المؤمن

الإخلاص: إنّ الإخلاص هو من الشروط الأساسيّة لتقبل الله تعالى لدعاء المؤمن، وذلك لأنّ الإنسان المؤمن يجب أن يسأل الله وحده وأن يتوكل عليه، ويستعين به فقط دون الاستعانة بأي أحدٍ آخر، حيث قال الله تعالى في آياتهِ الكريمة:

(فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)

استحضار القلب أثناء الدعاء: على المؤمن أن يتوجه بالدعاء الصالح لرب العالمين وهو متأكد ومؤمن بأنّهُ سيستجيب لهُ ولن يردّه خائبًا، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (ادعُوا الله وأنتم مُوقِنون بالإجابة، واعلَموا أن اللهَ لا يستجيب دعاءً مِن قلب غافلٍ.

أكل الحلال: لكي يُستجاب دعاء المؤمن يجب أن يكون مأكله ومشربه وملبسهُ حلالًا، وذلك لأنّ الله لا يستجيب إلّا دعاء الإنسان الطيب، ودعاء الإنسان الذي يأكلُ الحرام لا يصل إلى رب العالمين، حيثُ قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: (أيها الناسُ إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا.

كما وقال الله سبحانه وتعالى في آياتهِ الكريمة:

(يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ألا يدعوا بإثمٍ أو قطيعة رحم)

على المؤمن ألّا يدعوا بأي دعاءٍ يخص قطيعة الرحم، والإثم، حيث قال الرسول الكريم محمد عليهِ الصلاة والسلام: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدّعاء.

عدم الاعتداء في الدعاء: ويكون الاعتداء في الدعاء إمّا بسؤالٍ مُحرم، أو أن يسأل المؤمن ربه بما يُنافي حكمته، كأن يطلب منه الخلود وعدم الموت، حيث قال الله تعالى في آياتهِ الكريمة:

(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)

الثقة بالله: يجب على المؤمن أن يدعو رب العالمين وهو موقنٌ بالإجابة، وأن يثق بهِ ثقةً كبيرةً، وذلك لأنّ الله تعالى يكون دومًا عند ظن عبده به سواء بالخير أو الشر

الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر: يجب أن يتوجه دعاء المؤمن للأمر بالمعروف، والنهي عن كل المنكرات التي حرمها الله تعالى، حيث قال الرسول الكريم في حديثه الشريف (والذي نفسي بيده، لتأمُرنَّ بالمعروفِ ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عقابًا مِن عنده، ثم لتدعنَّه فلا يستجيب لكم

 الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال: يجب على المؤمن أن يتحلّى بالصبر وعدم الاستعجال، وأن يستمر بالدعاء بإلحاحٍ إلى رب العالمين، حيث قال الرسول محمد عليهِ الصلاة والسلام (يُستجاب لأحدكم ما لم يعجَلْ، يقول: قد دعوتُ ربي فلم يستجِبْ لي

رابعًا: آداب الدعاء

  • يجب على المؤمن أن يبدأ الدعاء بحمد الله تعالى والثناء عليهِ، وبالصلاة على رسول الله محمد، وختم الدعاء كذلك بنفس الطريقة
  • من الضروري أن يستحضر المؤمن قلبه وأن يخشع خشوعًا تامًا أثناء الدعاء، وأن يتوجه للدعاء لرب العالمين وقت الشدة والرخاء
  • يجب على المؤمن أن يعترف ويقر بكل ذنوبة لرب العالمين أثناء الدعاء، وأن يطلب منه الغفران والعفو عن كل الذنوب المرتكبة
  • يجب على المؤمن ألّا يتكلف في الدعاء، وألّا يستخدم أسلوب السجع، وأن يدعو الله بصوتٍ منخفض
  • يجب على المؤمن أن يتوضئ قبل الدعاء، وأن يتوجه إلى القبلة الشريفة
  • على المؤمن أن يتوجه بالدعاء أولّا لنفسهِ، ثم لباقي المسلمين، وطلب كل ما يتمناه من الله تعالى بذكر أسمائه الحسنى

خامسًا: العلامات التي تدلّ على استجابة الله للدعاء

  • شعور المؤمن بصفاء القلب ونقائهِ
  • الشعور بالسكينة والراحة النفسيّة
  • الرغبة بالبكاء الشديد الذي يليهِ راحة وهدوء نفسي
  • التحرر من الهموم والكرب والمشاكل
  • الشعور بطاقة إيجابيّةٍ كبيرة

سادسًا: أسباب تأخير الله تعالى لاستجابة دعاء المؤمن

رغبة الله سبحانه وتعالى بتذلل المؤمن بين يديهِ وتقرّبهِ منه أكثر وقد يؤخر الله تعالى استجابة الدعاء، لأنّ هذا التأخير يعود بالخير على المؤمن وحياته.

قد يتأخر الله بالاستجابة للمؤمن لأنّ دعوته ستُسبّب له الضرر في حياته وفي كثير من الأحيان يؤخر الله استجابة دعوة المؤمن إلى يوم القيامة، حيثُ ينال فيها الثواب العظيم والحياة السعيدة الخالدة

سابعًا: أسباب عدم استجابة الله تعالى لدعاء المؤمن

في عالم الروحانية والإيمان، تندرج قضايا استجابة الله لدعاء المؤمن ضمن مسائل عميقة تتعلق بالتوازن الروحي والتقوى الإلهية. فالدعاء هو وسيلة الاتصال الروحي بالله تعالى، إنه ليس مجرد سلسلة من الكلمات، بل هو تعبير عن التواضع والاستسلام أمام العظمة الإلهية.

إلا أن هناك عوامل متعددة قد تمنع استجابة الله لدعاء المؤمن، فقد يشمل ذلك توجه الدعاء بأساليب لا تليق بتقوى الله، كتضمين التوسلات الشركية أو الدعاء بأمور مستحيلة، مثل الخلود وإحياء الميت.

تقوم بنية الدعاء وخلوص النية من الغرض الفاسد بدور كبير في قبول الدعاء، كما يتطلب الأمر الالتزام بالأدب والتواضع أثناء الدعاء، وعدم المبالغة في الرفع صوت الداعي أو استخدام الألفاظ السيئة.

ومن أسباب عدم استجابة الله تعالى للدعاء أيضًا، سيطرة اللهو والشهوة على قلب الداعي، وغرقه في المعاصي والذنوب، فالقلب النقي المتواضع يكون أكثر استعدادًا لاستقبال رحمة الله واستجابته.

  • أن يضم الدعاء بعض التوسلات الشركية
  • الدعاء بموت الإنسان أو أي أحدٍ كان
  • الدعاء بالأشياء المستحيلة، كالخلود مثلًا أو إحياء الميت
  • الدعاء على الأهل، والأموال، والنفس
  • والدعاء بقطيعة الرحم
  • تحجير الرحمة، كأن يدعو المؤمن بالشفاء لنفسهِ فقط وبالرزق لنفسهِ فقط
  • عدم الإلتزام بالأدب خلال الدعاء
  • الدعاء على طريقة التجربة أو الاختبار
  • عدم الدعاء باختيار أسماء الله الحسنى
  • أن يكون غرض المؤمن من الدعاء فاسدًا
  • عدم اليقين بقدرة الله تعالى على الاستجابة
  • المبالغة في رفع الصوت، واستخدام الألفاظ السيئة
  • غرق المؤمن بالمعاصي والذنوب
  • ضعف القلب والدعوة من قلبٍ غافل عن ذكر الله
  • سيطرة اللهو والشهوة على قلب الداعي

ثامنًا: أجمل وأصدق الأدعية لله عزّ وجل

في لحظات الضعف والاختبار، يتجه القلب المؤمن إلى الدعاء، فالدعاء هو لغة الروح التي ترتبط مباشرة بالخالق الذي يعلم حال كل فرد ويسمع نداء قلوبهم. تعتبر الأدعية التي ذُكرت مجموعة من التعابير الروحية التي تعكس الحاجة العميقة للإله والثقة الكاملة به.

ترتفع هذه الأصوات الروحية في تضرع واستغاثة، تنادي بالشفاء، بالرحمة، وبالنجاة من براثن الضعف والمرض. إنها مجموعة من الأصوات التي تعبق بالخشوع والاعتراف بالضعف أمام عظمة الخالق.

في هذه الأدعية، تنساب الأرواح بين قوسين من اليقين والتسليم، حيث يعبر المؤمنون عن اعتمادهم الكامل على الله في كل لحظة وفي كل أمر. تتجلى في هذه الأدعية التوجهات المتنوعة نحو الخير والشفاء، وتبرز قوة الثقة بالله ورحمته الواسعة.

1

الشافي والمعافي

أذهب البأس ربّ الناس، واشف وأنت الشّافي لا شفاء إلّا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقمًا، أذهب البأس ربّ الناس، بيدك الشفاء، ولا كاشف له إلّا أنت يا ربّ العالمين، آمين

2

دعاء للشفاء والصحة

اللهمّ إنّي أسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفيه وتمدّه بالصحّة والعافية، ربّي إنّي مسّني الضرّ وأنت أرحم الرّاحمين، اللهمّ ألبسه ثوب الصحّة والعافية عاجلًا غير آجلًا يا أرحم الرّاحمين

3

استغاثة بالشفاء والرزق

اللهمّ اشفه، اللهمّ اشفه، اللهمّ اشفه، اللهمّ آمين، اللهم ربّ الناس مذهب البأس، اشفه أنت الشّافي لا شافي إلّا أنت، اللّهم إن كان رزقي في السّماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدًا فقرّبه، وإن كان قريبًا فيسّره، وإن كان قليلًا فكثّره، وإن كان كثيرًا فبارك لي فيه

4

الاستعاذة بالله من شر كل شيء

اللّهم ربّ السماوات السّبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا وربّ كل شيءٍ فالق الحَبّ والنّوى ومنزّل التّوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرّ كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهمّ أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظّاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدَّين واغننا من الفقر

5

الدعاء بالعفو والرحمة

اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع المُلك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء، بيدك الخير إنّك على كل شيء قدير، تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل، وتخرج الحيّ من الميّت، وتخرج الميّت من الحيّ، وترزق من تشاء بغير حساب، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ارحمني رحمة تُغنني بها عن رحمة من سواك

6

الاستكانة والاعتراف بالضعف أمام الله

اللهمّ إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلَّة حيلتي، وهواني على الناس، يا ربّ العالمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت أرحم الرّاحمين، وأنت ربّي، إلى مَن تكلني، إلى بعيدٍ يتجهَّمني، أم عدوٍّ ملَّكته أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أنّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظّلمات، وصلُح عليه أمر الدّنيا والآخرة، أن يحلَّ عليّ غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العُتبى حتّى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلّا بك

7

طلب الخير في الدنيا والآخرة

اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ أن تَجعَلَ خَيْرَ عَمَلي آخِرَهُ، وَخَيْرٌ أيامي يَومًا ألقاكَ فيه، إنَّك عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير، اللَّهُمَّ أستَجِب لَنا كَما استَجَبت لَهُم، بِرحمَتِكَ عَجِّل عَلَينا بِفَرَجٍ مِن عِندِكَ، بِجودِكَ وَكَرَمِكَ، وَارتِفاعِكَ في عُلُوِّ سَمائِكَ، يا أرحَمَ الراحمين

8

الاستغاثة بالمغيث والمنزل الأعلى

إلَهي يا مَن لا يَشغَلُهُ شَيءٌ عَن شَيئ، يا مَن أحاطَ عِلمُهُ بِما ذَرأ وَبَرأ وَأنتَ عالِمٌ بِخَفِيّاتِ الأمورِ، وَمُحصِي وَساوِسَ الصُدُورِ، وأنتِ بِالمَنزِلِ الأعلى، وَعِلمُكَ مُحِيطٌ بِالمَنزِلِ الأَدنى، تَعالَيتَ عُلوًا كبيرًا يا مُغيثُ أغِثني، وَفُكَّ أسري، وَاكشِف ضُرِّي، يا أرحَمَ الراحمين

في ختام هذه الأدعية، نجد أنفسنا مغمورين بروحانية الدعاء وقوة الاتصال الروحي بالله، الذي هو مصدر الرحمة والشفاء والغفران. إنها ليست مجرد كلمات تنطلق من الشفاه، بل هي صرخة من القلب تتجه نحو العلي القدير، الذي لا يعجزه شيء في السموات والأرض.

في هذه الأدعية، نجد تجليات للتواضع والاعتراف بالضعف، وفي الوقت ذاته نجد قوة الإيمان والثقة الكاملة بقدرة الله على تغيير الأقدار وشفاء القلوب والأبدان.

لذا، في أعماقنا نحمد الله على هذه الهبات الروحية التي ينعم بها علينا، ونبتهج بثقتنا العمياء بأن الله يسمع دعائنا ويرد عليه، بحكمته ورحمته التي لا تنضب.

فلنظل ملتصقين بالدعاء، ولنظل مؤمنين بقدرة الله على تحقيق كل دعاء صادق، متطلعين دائمًا إلى نور الأمل ورحمة الله التي لا تنتهي. فلله الحمد والشكر على كل نعمه وفضله، وله الغناء والمجد إلى الأبد. آمين.