قام الاتحاد الأوروبي البارحة 18 أكتوبر 2022، بإصدار مجموعة جديدة من التشريعات والقوانين، تهدف إلى زيادة تنظيم أسواق العملات الرقمية، إضافة إلى ارتباطها الوثيق بخطة عمل الغاية منها تنفيذ صفقتي الخضراء الأوروبية وخطة REPowerEU .
تهدف كلتا الخطتين إلى توفير الطاقة وتقليل هدرها، إضافة إلى الحفاظ على البيئة، وذلك من خلال رقمنة قطاع الطاقة. وستركز أعمالها على المعدنيين الأوروبيين الذين يستهلكون كميات كبيرة من الطاقة، إضافة إلى غيرهم من المستهلكين الآخرين كالمعامل والمصانع.
بالنسبة إلى خطة العمل المسماة REPowerEU، فقد جرى الإعلان عنها في مايو الماضي، كردة فعل من الاتحاد الأوروبي جراء الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا، التي أثرت بشكل سلبي للغاية على إمدادات الطاقة للقارة الأوروبية.
تتحدث المفوضية الأوروبية، أنها قد حظيت بفرصة جيدة من خلال تلك الحرب، لتقوم بتسريع إجراءات الانتقال لاستخدام مصادر الطاقة البديلة، والتحكم بالموارد الحالية وترشيد استهلاكها. وسيكون حل أزمات الطاقة تلك الحالية والمستقبلية المحتملة، هو الإسراع في تعميم تلك المشاريع الخضراء، التي ستحمل معها النور لأوروبا بأكملها، ولذلك يجب كسر حاجز الجمود والتوقف عن الذعر وإطلاق تحذيرات لا جدوى منها، سوى إحباط من حولنا.
ويعتبر الجزء الأساسي من تلك الخطة هو التحكم في كميات الطاقة المستهلكة من قبل قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما فيها تلك التي تعتمد على تقنية بلوكتشين، وغيرها من الأمور التي حظيت بالاهتمام كمجموعة فرعية من مراكز البيانات.
وحسب بيانات وثيقة عمل موظفي المفوضية الأوروبية، فإن أوروبا تمثل 10% فقط من إجمالي قطاع تعدين العملات الرقمية حول العالم، لتكون كل من ألمانيا وأيرلندا قبطان سوق العملات الورقية في القارة، بينما تشهد السويد ارتفاعا ملحوظا في نشاطات السوق الرقمية، خاصة بعد فرض حظر على الصين من تعدين العملات الرقمية.
ويتوقع قيام هيئة الأوراق المالية والأسواق في أوروبا، بأن تعد مشروع صياغة قوانين ومعايير منظمة ومرنة، تتعلق بتعدين العملات الرقمية.
لكن من المثير للجدل هو اعتماد أعضاء الهيئة المالية في وضع وثيقة ذلك المشروع، على وثيقة غير مؤرخة، كان قد كتبها من قبل مرصد بلوكتشين تابع لمركز أبحاث المنتدى الأوروبي EUBOF، والتي احتوت على مجموعة بنود سياسية من أجل تخفيف الآثار السلبية على قطاع التقنيات المستخدمة في أسواق العملات الرقمية. وستأتي هذه الوثيقة بحسم قاطع حول التأثيرات المناخية الناجمة عن العملات الرقمية في عام 2025.
لاحظت بعثة الاتحاد الأوروبي المتخصصة بالتنوع البيولوجي، أن هذه الوثيقة ستكون أول محاولة عالمية، تسعى لتقليل شعبية البيتكوين وقدراتها الاستثمارية، والحد بالتالي من سعرها وقيمتها السوقية.
وتجدر الإشارة إلى أن المستثمرين اليوم بحاجة إلى معلومات شافية وأكثر شمولية حول الكيفية المناسبة لاستخدام الطاقة في العملات الرقمية وتعدينها، إضافة إلى إشارة EUBOF إلى وجوب اتخاذ الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة لوضع معايير دولية حول استخدام تقنية بلوكتشين.
أرسلت المفوضية الأوروبية إلى البرلمان الأوروبي، متضمنا المجلس واللجنة الاقتصادية والاجتماعية ولجنة المناطق، رسالة تفيد بتضاعف استهلاك الطاقة في قطاع تعدين العملات الرقمية، إضافة إلى ضرورة تقديم معلومات كافية وصريحة عن الأضرار البيئية الحاصلة، وكميات الطاقة المستهلكة والموارد المستخدمة في ذلك، من أجل الوصول إلى التشريعات المناسبة التي تتلاءم مع الحال الفعلية للسوق الرقمية.
بينما تشهد القارة الأوروبية نقصا حادا في إمدادات الطاقة الواردة إليها من الجانب الروسي، فإنها على موعد مع شتاء قاس هذا العام.
وهنا تحث المفوضية الأوروبية، الفرع التنفيذي للاتحاد الأوروبي لاتخاذ التدابير اللازمة لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، وخاصة المرتبطة بالمعدنيين، مع وضع حدود للإعفاء الضريبي الحالي، وفرض رسوم مالية معينة على المعدنيين، وغيرها من الإجراءات المالية التي يمكن تحقيق مكاسب منها تخفف أزمة الطاقة الحالية. إذ تدرس النرويج إلغاء الإعفاء الضريبي على المعدنيين لديها، وفرض رسوم محددة على عمليات تعدين العملات الرقمية التي يقومون بها.
تقول مايريد ماكغينيس، مفوضة الاستقرار المالي والخدمات المالية واتحاد أسواق رأس المال، خلال حديث لها مؤخرا في واشنطن، إن أوروبا تبدي اهتماما كبيرا للقضايا المرتبطة بالطاقة والبيئة المرتبطة بالعملات الرقمية. في الوقت نفسه، تولي إدارة الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية اهتماها في تأثر البيئة من العملات الرقمية، وتبحث في ذلك الموضوع بشكل جاد.