أخبار العملات الرقمية

إليك ما لا تعرفه عن الخدمات التي تقدمها بلوكتشين… تعدّت مجال العملات الرقمية بخطوات

لمن لا يعلم ما هي تقنية البلوكتشين، فهي عبارة عن قاعدة بيانات تخزن البيانات بطريقة آمنة جداً، ومن شبه المستحيل التعديل عليها.

استخدمت أول مرة عام 1993، ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن شهدت هذه التقنية تقدماً كبيراً وازدهاراً ملحوظاً فيما تقدمه من خدمات، حيث كانت اللاعب الأساسي في تعزيز العملات الرقمية.

هذه التقنية فعلاً قد غيرت أساليب التمويل والأعمال المالية بشكل غير مسبوق، محدثة ثورة تقنية حقيقية ونقلة نوعية كبيرة لعالم المال والأعمال.

والكثير عندما يسمع بتقنية بلوكتشين، يتوارى إلى ذهنه مباشرة موضوع العملات الرقمية، ومدى الارتباط الوثيق لشبكات التداول بتلك التقنية، ولكن هل فكر أحد من قبل في وجود مجالات عمل أخرى للبلوكتشين؟

شركات الاستيراد والتصدير

تصطدم شركات الاستيراد والتصدير بعدة حواجز تعيق العمل بشكل مرن، ابتداءً من الأسواق الضعيفة والركود الذي أصابها، وطريقة الطلب من قبل المستهلكين التي تحمل طابع التعقيد والتعجيز، وصولاً إلى الوثوق بالشركات نفسها وببيانات منتجاتها والجودة المقدمة.

هنا لا شكّ من التأكيد على أهمية تنظيم هذا القطاع، والتأكد من توفير مناخ ملائم لكافة الأطراف يحمل طابع المرونة والثقة، لكن مع اتباع طرق تقليدية للتعامل مع عدة شرائح، ومحاولة تلبية طلباتهم كما يريدون في وقتها المحدد، فإن ذلك أشبه بالحلم في ظل عصر التقنيات.

هنا تأتي تنقية بلوكتشين لتقوم بحل تلك المعضلة، من خلال مقدرتها على تخزين البيانات في جداول منظمة، وفهرسة جميع التعاملات والرسائل الالكترونية التي لا تعد ولا تحصى، إضافة إلى قيامها بجرد يتزامن مع كافة مراحل تنفيذ الطلبات المقدمة إلى الشركة، ابتداء من حلقة المنتج والمورد، وصولاً إلى حلقة المستهلك، مراقبة بذلك جميع الخطوات لكافة عمليات التوريد، محدثة فوراق كبيرة في دقة التنفيذ ومرونة التسليم، ناهيك عن توفيرها لكثير من الوقت والمال الذي كان يستهلكه موظفون ومكاتب إدارية بحد ذاتها.

وعلى سبيل المثال نذكر استخدام شركة Walmart لتلك التقنية، إذ حققت نجاحاً تاماً في تتبع منتجاتها خلال سلسلة عمليات لتوريد المواد الغذائية، ابتداءً من منشأ المنتجات الغذائية، وصولاً للمستهلك كمرحلة تسليم نهائية.

السجلات العقارية للأراضي وثبوتياتها

بالحديث عن العقارات والأراضي والثبوتيات والسجلات المرتبطة بها، فإننا نستحضر بذلك الكثير من المعاناة التي يعاني منها أصحاب المصلحة وأصحاب العقارات أنفسهم، لما تتطلب إكمال معاملاتها، سواء البيع والشراء وحتى الاستثمار، لكثير من الجهد والوقت في إحصاء البيانات اللازمة، وتقديم الدراسات اللازمة للاستثمارت، موثقة من الهيئات الحكومية الرسمية في البلد المستثمر به.

كل ذلك يتطلب الكثير من الموظفين والتجهيزات، لتخزين بيانات أولئك المستثمرين، وتلبية احتياجاهم والخدمات اللازمة لهم، وهنا قد تتولد مشاكل أخرى، ناتجة عن الخطأ البشري، أو فقد في تلك البيانات لأسباب فنية أو غير ذلك، مما يترتب عليه مشاكل كثيرة في ملكية العقارات، وإلحاق ضرر بالمستثمرين والاقتصادات المحلية المستفادة منها.

هنا نعود ثانية لاستخدام تقنية بلوكتشين في تجاوز تلك العقبات، حيث تقدم لنا ببرمجتها الفريدة درجة عالية من الأمان والموثوقية في حفظ البيانات وعدم خسارتها بأسوأ الأحوال، إضافة إلى تقليلها للأخطاء البشرية. وكتجربة ناجحة في هذا القطاع، قامت أبو ظبي بالتعاون مع شركة Tech Mahindra، التي اقترحت عليها تقنية بلوكتشين كآلية تعامل مع بيانات هذا القطاع وتوفير خدمات مرنة له، وبالفعل نجحت بلوكتشين في تبديد كل المشاكل التي كانت تواجههم في مواضيع تبادل الوثائق، إضافة إلى درجة الأمن العالية التي وفرتها لجميع أبناء المصلحة.

تقنيات تحديد الهوية ومكافحة الاحتيال

تعتبر مكافحة غسيل الأموال من أولويات الشركات المالية التي تضعها في الحسبان، ويعد بروتوكول اعرف عميلك KYC، الأساس الذي تعتمده الشركات في الرقابة المالية لبيانات عملائها، وتسعى تلك الشركات لتطوير مثل هذه البروتوكولات، وتضع اعتمادات مالية كبيرة في سبيل ذلك، لكن دون جدوى تذكر.

وباعتماد تقنية بلوكتشين كأداة للتعامل مع هذه البيانات المالية، فستتيح فرصة كبيرة لاستحالة وصول اللصوص إلى حسابات المستخدمين وسرقة أموالهم، إضافة إلى توفير دقة في أخذ البيانات ومعالجتها، وتقديمها تحديثات مستمرة للمستخدمين حول بيانات حساباتهم وارصدتهم.

تساعد بلوكتشين المستخدم في جميع تفاصيل معاملاته المالية، سواء كانت خدمات تأكيد هوية المستخدم أو تسريع مطابقة بياناته ضمن المصرف، وذلك طيلة فترة تعامله معها ضمن المصارف المرتبطة بتلك التقنية. وبالنسبة للمصارف فهي توفر الكثير من المال عليها، بسبب قلة اعتمادها على الكوادر البشرية، إضافة إلى تقليل التجهيزات المادية المستخدمة في معالجة البيانات.

الانتخابات والاستفتاءات الرقمية

تسعى الدول والحكومات عند إجراء الانتخابات المتعلقة بالمناصب الحكومية والبرلمانات، إلى توفير جو ديمقراطي هادئ، يحقق وصول الشخص إلى مكانه المناسب وفق تطلعات شعوبها. ويشكك البعض أحياناً في نزاهة إجراء تلك الانتخابات، والنتائج التي تصدر عنها، مخلفة استياء شعبي في بعض الحالات، قد تنجم عنه مشكلات سياسية وداخلية متشعبة.

واليوم… وفي عصرنا هذا، الذي تعد التكنولوجيا العصب المحرك له، بدأت بعض الجهات بالتحول إلى طرق رقمية والكترونية لإجراء انتخاباتها الرسمية، محاولة توفير جو من الثقة والشفافية لتلك العملية الانتخابية. وهنا أتت مشكلة جديدة، وهي حدوث اختراق للبيانات الرسمية وتغيير النتائج أو تزويرها في بعض الحالات.

هنا يمكن استخدام تقنية البلوكتشين أيضاً، لحماية بيانات تلك العمليات الانتخابية، وتحقيق ديمقراطيتها، بعيدا عن أي تدخل أو تطفل من أي جهة كانت. إذ تقوم تقنيتنا هذه بإحصاء عدد الناخبين وفق بياناتهم، وتأكيد هويتهم رقمياً بكفاءة عالية، ملغية إمكانية وجود أي هوية مزيفة أو محاولة انتخاب متكررة من قبل نفس الناخب.

ولا يفرض استخدام تقنية بلوكتشين، متطلبات كثيرة أو أعباء على الحكومات، فيمكن توفير منصات مدعومة بتلك التقنية، لا يحتاج الولوج إليها سوى توفير اتصال بالإنترنت، وبالتالي لا تعد ذات تكلفة مقارنة مع التكاليف التي تتطلبها أنظمة التصويت الالكتروني التقليدية. ويمكن لها توفير نتائج دقيقة وسريعة، وفرز لأصوات الناخبين خلال مدة قصيرة، إضافة إلى كشف محاولات أي احتيال.

قطاع الاتصالات ومزامنة البيانات

يعتبر قطاع الاتصالات من أهم القطاعات الضرورية، التي نحتاج وجودها اليوم في كل لحظة، لضمان تنفيذ الأعمال وسيرها بنجاح، ضمن مختلف المؤسسات والشركات. وبقدر ما يكون ذلك القطاع منظماً، بقدر ما يتم توفير وقت وتكاليف وأعباء على جميع مستويات العمل.

وكمثال نذكر قطاع الفنادق، الذي يتطلب تبادل الكثير من المعلومات، وفي حال حدوث مشكلة في عمليات مزامنة الاتصال، فستصبح الأمور غير جيدة، خاصة عند تنفيذ الإجراءات المالية المرتبطة بالنزلاء. بينما لو تم استخدام تقنية بلوكتشين، فإننا سنستغني عن الإدارة المركزية للأمور المالية، وسنحصل على اتصال ذو جودة أعلى وأكثر آمانا. ويمكن استخدامها مع الواجهات التفاعلية أو ما يعرف برووبوتات الدردشة، لتحل مشاكل التتبع وضبط الوقت والشفافية أيضا.

قطاع الرعاية الصحية والطبية

تتطلب السجلات الطبية المرتبطة بالمرضى أعلى دقة يمكن الحصول عليها، لما لها أثر بالغ في سلامة المرضى وضمان صحتهم. وبالرغم من كون تقنية بلوكتشين جديدة نسبيا على القطاع الطبي، لكنه أخذ في إظهار فوائده وإيجابياته مؤخرا. حيث يوفر درجة عالية غير مسبوقة في دقة البيانات، ويقدم حق وصول المرضى لبياناتهم تلك، لبيني ثقة متبادلة بين المرضى والنظام الطبي. يستطيع أيضاً تخزين بيانات الأجهزة الطبية وتوفيرها للأطباء بكل سهولة ومرونة، والرجوع إليها في أي وقت كان.

هل تصبح بلوكتشين القلب النابض للتكنولوجيا والحياة البشرية؟

لم تعد اليوم تقنية بلوكتشين مرتبطة بمجال العملات الرقمية وأسواقها فقط، بل أصبحت ضرورة تقنية ملحة، يجب على جميع مؤسسات وقطاعات تكنولوجيا المعلومات، التحول لاستخدامها والعمل وفقها. ولا بد للجميع أن يدرك التطور الكبير لهذه التقنية، التي أثبتت وخلال فترة قصيرة، موثوقيتها لتقديم مستويات أداء وتنفيذ عالية لم تقدمه أي تقنية قبلها، وتقليلها للتكاليف والوقت، إضافة إلى تسهيل حياة الإنسان ومساعدته في كثير من حاجاته الأساسية كما ذكرنا قبل قليل.

إنها ارتقت فعلاً لمستوى يستحق منا كل التقدير لتلك الجهود، وأوجدت فرص جديدة لتكون فيها التقنية صديقاً مخلصا للإنسان، وغير مضر بنفس الوقت.