توصَّل المشرعون في الاتحاد الأوروبي إلى إجماع سياسي بشأن قانون البيانات الخاص بالعقود الذكية، مما تسبب في ضجة بين مجتمع العملات الرقمية.
سبق وأن توصل المجلس الأوروبي والبرلمان في 28 يوليو إلى إجماع سياسي بشأن قانون البيانات، الذي يجعل التشريع المتعلق بالبيانات غير الشخصية جاهزاََ للتطبيق، ووصف تييري بريتون، مفوَّض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، الاتفاقية في منشور عبر موقع X (تويتر سابقاََ) بأنها “علامة فارقة في إعادة تشكيل الفضاء الرقمي”.
ما هو قانون البيانات الأوربي الجديد؟
يكمل قانون البيانات الجديد قانون إدارة البيانات الصادر في نوفمبر 2020 من خلال توضيح من يمكنه إنشاء قيمة من البيانات وتحت أي ظروف، وهو ينبع من الاستراتيجية الأوروبية للبيانات، التي تم الإعلان عنها في فبراير 2020، والتي تهدف أيضاََ إلى وضع الاتحاد الأوروبي باعتباره المرشح التنظيمي الأوفر حظاََ في الزمن القائم على البيانات.
يعد قانون البيانات جزءاََ من استراتيجية البيانات الأوسع للمفوضية الأوروبية والتي تهدف إلى جعل أوروبا رائدة عالمياََ في الاقتصاد المرن للبيانات.
وبعبارات بسيطة يقترح قانون البيانات قواعد جديدة بشأن من يمكنه الوصول إلى البيانات التي يتم إنشاؤها في الاتحاد الأوروبي واستخدامها في جميع القطاعات الاقتصادية.
ولكي يصبح قانون البيانات قانوناََ رسمياََ، يجب أن تتم الموافقة عليه من خلال تصويت البرلمان الأوروبي والمجلس، الذي يمثل الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوربي، إذا ما تمت الموافقة على القانون وإصداره يمكن أن يواجه قطاع العملات الرقمية تحدياََ كبيراََ، ويمكن للمشكلة التي يثيرها قانون البيانات الجديد للاتحاد الأوروبي أن تغير استخدام العقود الذكية في المنطقة الاقتصادية الأوروبية (EEA) للأسوأ.
ما تأثير قانون البيانات الأوربي على العملات الرقمية؟
يشعر مجتمع العملات الرقمية بالقلق بشأن أحد الشروط في قانون البيانات، وهو أن اتفاقيات مشاركة البيانات الآلية تحتوي على “مفتاح إيقاف” يمكن من خلاله إنهاؤها أو إيقافها في حالة حدوث خرق أمني.
يؤكد العديد من خبراء البلوكتشين أن التعريف الحالي للعقود الذكية في قانون البيانات واسع النطاق وغير واضح، خوفاََ من أنه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة غير مقصودة على العقود الذكية الحالية.
وعلى سبيل المثال لا يميز نص القانون القادم بين العقود الرقمية فقط والعقود الذكية التي تستخدم تقنية بلوكتشين.
كما أن قانون البيانات لا يوضِّح بالضبط ما هي اتفاقية مشاركة البيانات، ولا يوضِّح ما إذا كانت العقود الذكية الموجودة حالياََ في كل مكان في تطبيقات Web3 تتبع هذا النوع من الاتفاقيات.
صرَّت مارينا ماركيزيتش، المديرة التنفيذية والمؤسس المشارك لمبادرة العملات الرقمية الأوروبية، في لقاء لها:
إن معظم العقود الذكية لا تقدم ميزة الإنهاء أو الانقطاع وغالباََ ما تكون غير قابلة للترقية لضمان مستويات أعلى من الحماية من السلوكيات المسيئة، وإن حقيقة افتقار العقود الذكية إلى مثل هذه الميزات يعرض استخدامها وتطويرها للخطر، وقد يُنظر إليها على أنها غير متوافقة مع المتطلبات التنظيمية.
والمشكلة هي إذا كان نطاق المادة 30 من القانون سيمتد إلى ما هو أبعد من تطبيق العقود الذكية في هذا السياق المحدد بشكل ضيق، وإن الالتزام بهذه البروتوكولات لا يصبح مشكلة فحسب، بل يكاد يكون من المستحيل.
وصرحَّت ماركيزيتش عند سؤالها عن تأثير القانون على التمويل اللامركزي:
أن هناك مصدر قلق وهو ما إذا كانت هذه القواعد يمكن أن تمتد إلى التمويل اللامركزي (DeFi)، ونظراََ لأنه ليس لدينا لائحة خاصة بالتمويل اللامركزي، فهذا سؤال سيحتاج إلى إجابة خلال الـ 18 شهراََ القادمة بينما تستعد المفوضية الأوروبية لموقفها بشأن التمويل اللامركزي.
ما هي ردود فعل مجتمع العملات الرقمية على قانون البيانات؟
اقترح مجتمع العملات الرقمية بعض الحلول البديلة لإضفاء المزيد من الوضوح القانوني على العقود الذكية، وفي أبريل 2023 اقترحت منصة Polygon خطاباََ لكيفية تحسين المادة 30 من القانون، مشيرة إلى أنه يمكن للمشرعين تطبيق هذه القواعد على المؤسسات فقط، باستثناء البرامج والمطورين، وتوضيح أن العقود الذكية ليست اتفاقيات في حد ذاتها.
وفي الآونة الأخيرة وقعَّت مبادرة العملات الرقمية الأوروبية والعديد من الشركات، مثل Stellar وIota وPolygon وNear وCoinbase وCardano وConsenSys، على خطاب للتعبير عن مخاوفهم بشأن قانون البيانات ودعوة المشرعين إلى إعادة النظر وتوضيح جوانب معينة منه.
وجادل المعترضون بأن قانون البيانات قد يتعارض مع لائحة MiCA المتفق عليها مؤخراََ، إذ يوفر MiCA الذي سيدخل حيز التنفيذ في عام 2024، ترخيصاََ لمنصات العملات الرقمية ومقدمي المحافظ للعمل في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
ويزعمون أيضاً أن المشرعين الأوروبيين تجنبوا عمداً القضية الأكثر تعقيداً المتمثلة في التنظيم المالي اللامركزي، وهي القضية التي سوف تحتاج المفوضية إلى إعادة النظر فيها في السنوات المقبلة.