في قلب الرياض تتجلى صورة المقاتلة السعودية هتان السيف التي لا تعرف الخوف وتتحدى الرجال وتقهرهم وهذا ما حدث بالفعل في بطولة PFL مع البطلة هتان التي كانت كالأسد يزأر أمام خصمه مزلزلا الحلبة أسفل قدميه.
هتان، التي نادرا ما تتراجع، تتحمل الضربات بصمود وتجابه خصومها وإن كانوا أثقل وأقوى، فدموع الإصرار التي تنسكب من عينيها ترافقها في رحلتها وهي محتفظة بعزيمتها التي لا تلين.
هتان السيف: أول سعودية تصارع في دوري الفنون القتالية المختلطة
في حدث لا يُنسى، دخلت المقاتلة السعودية هتان السيف التاريخ كأول سعودية تحقق الفوز في نزال بدوري المقاتلين المحترفين “PFL”، وهذا الإنجاز لم يكن لحظة فخر لهتان فحسب، بل كان لحظة احتفاء لكل الرياضة السعودية.
وعلى أرض الصالات الرياضية الخضراء، والتي أقيم عليها أول بطولة PFL (Professional Fighters League) عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اهتزت السعودية والرياض بأكملها مع إطلاق صافرة البداية للجولة الأولى.
وبالطبع، كل العيون كانت تتابع وبشغف النزال النسائي الرفيع، إذ واجهت هتان السيف منافستها المصرية “ندى فهيم” في مباراة هي الأولى من نوعها والذي يشهد مشاركة مقاتلة من جنسية سعودية.
وبشكل غير متوقع أو مألوف وخلال أقل من دقيقتين، أعلن حكم النزال انتهاء المنافسة بعدما أذهلت هتان السيف الموجودين بلكماتها المتتالية التي تبعها ضربة قاضية مثيرة أعلنت بها إنهاء الصراع.
وكواحدة من النساء اللواتي يتدربن في ناد رياضي يضم غالبية ذكورية في الرياض، وكأول سعودية تسعى للتألق في سماء النخبة القتالية، لم يكن أمام هتان السيف إلا أن تشد من عزمها وتخوض التدريبات الشاقة كتفا بكتف مع نظرائها الرجال.
الطفلة اليتيمة تجد الونيس في فنون الدفاع عن النفس
في حديثها مع CNN الرياضية، تقول هتان أنها كانت الفتاة الوحيدة التي تتدرب ليلا ونهار بين كافة المتدربين، تشاركهم الصراع داخل الصالة وتتعلم منهم الكثير، وعندما تواجه من ينتمين لجنسها من الإناث فإنها تجد الفرصة الحقيقة لتظهر صلابة معدنها.
يشار إلى أن هتان تبلغ من العمر 22 عاما فقط، وهي استطاعت أن تخلق الإنجاز والنجاح في هذه السن المبكرة، آخرها كان الفوز السابق على ندى فهيم، بعدما كانت قد انضمت إلى بطولة PFL بعقد تاريخي في شهر يناير الفائت.
وكان لهذا الإنجاز رونق خاص في مجتمع معروف بامتلاكه القيم المحافظة، فتاريخيا كانت الفرص الرياضية للنساء نادرة ولم يشهدوا تأسيس الدوري المحلي النسائي لكرة القدم إلا في العام 2020.
وأصبحت هتان السيف اليوم أيقونة عربية جديدة لرياضة MMA النسائية في السعودية، وتعتبر نفسها على قدر المسؤولية الكبيرة التي تحملتها على عاتقها خلال سنوات التدريب، ووصفت ذلك بقولها:
إنها مهمة كبيرة، أشعر بثقلها، لكن في الوقت ذاته أشعر بالفخر والحماس لأكون من يقود هذا التغيير.
ولمن لا يعلم صعوبة الظروف التي مرت بها هذه البطلة السعودية، فيكفي أن تعلموا أن هتان قد خسرت والديها في سن العاشرة، لتعيش هذه الطفلة الحزن والألم وحيدة ويتيمة، حتى وجدت السلوى في فنون الدفاع عن النفس، وتقول عن ذلك:
لم أختبر طفولة سهلة، لكن الفنون القتالية شكلت هروبي وملجأي وغيرت حياتي نحو الأفضل، وهي ما يمنحني الإحساس بالحياة.
لطالما كانت هتان معجبة بالرياضات التي تضج بالأدرينالين، وعندما جربت الملاكمة وجدت فيها شغفها الحقيقي، وبإلهام من المقاتل السعودي عبد الله القحطاني، وبدعم مدربها فراس سعدة، انطلقت في مسارها الرياضي لتصبح بطلة للمواي تاي.
وتصف السيف شعورها وشغفها بالمنافسة والتحدي عندما رأت الرجال قادرين على رفع الأوزان الثقيلة وتوجيه الركلات القوية، وهذا ما جعلها تشعر بالغيرة وقررت أن تنضم إليهم.
تملك هتان السيف الآن سجلا حافلا بالإنجازات وتطمح للاستمرار في رفع راية الفنون القتالية المختلطة عاليا وحجز مكان دائم للسعودية والعرب في أرض هذه المنافسات، عبر بصمة قوية وإرث يلهم الأجيال القادمة في هذا المجال الرياضي الناشئ.