عزيز محمود الهدائي أو الخداعي – (بالتركية AZİZ MAHMUD HÜDAYİ) – هو مؤسس الطريقة الجلوتية، شاعر وعالم عاش في فترة ازدهار الدولة العثمانية. وُلد في قوجحصار في نواحي أنقرة سنة 948 هـ/ 1541 م، وتتنوع نسبه بين القوجحصاري والسيورى حصارى.
بدأ حياته العلمية في مدرسة كوجك آياصوفيا في استانبول، حيث درس تحت إشراف ناظرزاده رمضان أفندي.
عاش الهدائي مع نور الدين زاده مصطفى مصلح الدين، مؤسس الطريقة الجلوتية. بعد وفاة أستاذه ناظر زاده رمضان أفندي، قرر الهدائي التفرغ للطريقة الجلوتية وترك مناصب القضاء والتدريس. قاد حياة تتسم بالتقشف والتفرغ للخدمة الدينية والصوفية.
رحل الهدائي إلى بلاد البلقان واستقر في أسكدار، حيث بنى مسجداً وخانقاها، وعمل واعظاً في المساجد الكبرى. اشتهر بعمق علمه وأخلاقه الرفيعة، وكان محل احترام السلاطين والعلماء. راسل السلاطين بأشعاره ونصائحه، وقد انتسب إليه السلطان أحمد الأول. ألَّف الهدائي ستة وعشرين كتاباً في مجالات متنوعة من التفسير والحديث والأدب.
على الصعيدين العلمي والصوفي، كان الهدائي يمتاز بعمق المعرفة والإلمام بالعلوم الدينية. كتب أشعاراً دينية تعبر عن رؤيته الصوفية، متأثراً بشعر أحمد اليسوى ويونس أمره. تركز أشعاره على القيم الدينية والروحانية، وقد استمر في خدمة الدين وتعليم العلوم الإسلامية حتى وفاته في سنة 1038 هـ/ 1628 م.
تعتبر الجلوة في مصطلح التصوف خروجا من حالة الخلوة إلى الجلوة، حيث يتميز العبد في هذا السياق بتجسيد الصفات الربانية. يستند هذا المفهوم إلى قول الله تعالى: “كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ.”
رغم أن مصطلحي الخلوة والجلوة هما صوفيان، إلا أنهما أصبحا يُستخدمان كأسماء لطرق التصوف. تبرز الطريقة الجلوتية كواحدة من الطرق النشطة في تركيا وبلاد البلقان، جنبًا إلى جنب مع النقشبندية والمولوية والخلوتية والبرامية. يُعتبر الشيخ عزيز محمود الهدائي مؤسسًا لهذه الطريقة، وتمتد سلسلة شيوخها من النبي محمد إلى الشيخ عزيز محمود الهدائي.
ويكمن الفرق بين الطرق الروحانية والنفسانية في سياق الجلوتية، بأن الأولى تركز على تصفية القلب وتغذية الروح بالنوافل والذكر، في حين تتعامل الثانية مع مجاهدة النفس وتربيتها باستخدام أسماء الله الحسنى.
وتبرز أهمية الجلوة في الاشتغال بالذكر وأنواع المجاهدة، سواء الصورية أو المعنوية. وتشدد على أن السلوك في الجلوتية يتطلب مجاهدة مستمرة وتحكمًا في النفس لتحقيق الهدف النهائي من هذه الطريقة.
مؤلفات عزيز محمود الهدائي العلمية تتنوع بين اللغة العربية والتركية، على الرغم من أن لغته الأم كانت التركية. استخدم الهدائي اللغات الثلاث المتداولة في عهد العثمانيين: العربية كلغة علمية، والفارسية للأدب والشعر، والتركية كلغة رسمية. كتب الهدائي ستة وعشرين كتابًا باللغة العربية، وفيما يلي بعض مؤلفاته البارزة:
تلك هي بعض مؤلفات عزيز محمود الهدائي التي تظهر تعدد اهتماماته العلمية والصوفية في مساهماته الأدبية.
يشار إلى أن محمد بوزداغ يعمل الآن على تصوير سلسلة درامية تاريخية جديدة، تحاكي السيرة الذاتية وقصة حياة الشيخ عزيز الهدائي، وذلك حت عنوان: “طارق الهدى” الذي سيعرض على شاشة قناة TRT1 التركية في شهر رمضان المقبل.