أوضح البحث الذي نشر في مجلة “نيتشر”، أن تصادم الأرض الأولية مع الكوكب القديم “تيا” قبل حوالي 4.5 مليار سنة، والذي أسهم في تكوين القمر، قد ترك آثاراً في شكل مناطق واسعة على عمق ثلاثة كيلومترات تحت الصفائح التكتونية الأفريقية والهادئة.
ووفقًا للعلماء، فإن هذه التكوينات أكثر كثافة من المواد المحيطة بها وقد تشكلت نتيجة لتجمع الشظايا التي انفصلت عن “تيا” وهبطت تدريجيا إلى أعماق الأرض.
قال الباحثون: “وضعنا طريقة تمكننا من محاكاة الاضطرابات وخلط المواد بدقة عالية عند التصادم بين الأجسام. وبعد العديد من المحاكاة للحادث الذي أدى إلى وجود القمر، توصلنا إلى استنتاج أن المناطق الكثيفة في باطن الأرض تحتوي على مواد غنية بالحديد من قشرة تيا وقد استمرت حتى أيامنا هذه”.
إضافةً إلى ذلك، يشير الباحثون إلى أن الاختلافات في أعماق الأرض تظهر أن الطبقات الداخلية لكوكبنا ليست موحدة أو “بسيطة” كما يعتقد البعض. في الواقع، قد يتم نقل كميات صغيرة من الشظايا التي تقع عميقا من تيا إلى سطح الأرض عن طريق موانع مانتيلية، مثل تلك التي أدت إلى تكوين هاواي وأيسلندا.
وقد أظهرت الدراسات الجيوكيميائية للعينات البازلتية الآتية من أيسلندا أنها تحتوي على مكونات تختلف عن المواد المعتادة على سطح الأرض. وقال الباحثون: “هذه المكونات هي على الأرجح بقايا من الاختلافات في أعماق الأرض التي تزيد عمرها عن 4.5 مليار سنة وتشكل مفتاحًا لفهم الحالة الأولية للأرض وحتى تكوين الكواكب المجاورة”.
ويرى العلماء أنه بما أن التصادمات الضخمة هي ظاهرة شائعة في المراحل النهائية لتكوين النظم، فإن التكوينات المتغيرة للمانتيل قد توجد أيضًا في كواكب أخرى داخل المجموعة الشمسية وخارجها.
ما هو كوكب تيا؟
تيا، وفقا للنظريات الشائعة في علم الفلك، كان كوكبا بحجم المريخ تقريبا، ويُعتقد أنه تصادم مع الأرض في المراحل المبكرة من تاريخ النظام الشمسي، منذ حوالي 4.5 مليار سنة. نتيجةً لهذا التصادم العنيف، تشكلت القمر من الحطام الناتج عن الاصطدام.
وقد دعمت الأدلة الجيوكيميائية هذه النظرية، حيث أظهرت تحاليل العناصر في الصخور القمرية أنها تشابهت بشكل كبير مع تكوين الأرض.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر المحاكاة الحاسوبية لتطور النظام الشمسي أن الاصطدامات بين الكواكب البروتونية كانت شائعة في المراحل المبكرة من تكوين النظام الشمسي.
