شهدت محافظة الإسماعيلية في الآونة الأخيرة حادثة عنف مروعة وثقها مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث قام بلطجي بالاعتداء على صاحب محل حلاقة بسلاح أبيض، مخلفا تلفيات جسيمة في المحل.
وتحولت مشاهد العنف المتكرر إلى ظاهرة مقلقة وخطيرة تجتاح مجتمعاتنا العربية بشكل رهيب، والتي باتت عنوانا رئيسيا على محطات الأخبار ومواقع التواصل لكثرتها، مخلفة وراءها سلسلة من الأسئلة حول مستويات الأمان والعدالة الاجتماعية في البلدان العربية.
وكان موقف الضحية “صاحب محل الحلاقة” بطوليا إلى حد ما، فقد أقدم على تحرير المحضر اللازم في الوقت المناسب، قد يعكس إيمانا شخصيا منه بقدرة النظام القضائي والأمني على حماية المواطنين وحقوقهم. الحماس الذي أظهره المجتمع المحلي، وجهود الأجهزة الأمنية لضبط المتهم، تبعث برسالة قوية مفادها أن العدالة لن تتخلى عن دورها.
وعلى صعيد آخر، يعيد حادث عثور مباحث القصاصين على جثة طفل مقتولا في منزل جيرانه الألم إلى قلوبنا، حيث يشكل فقدان الأبرياء نوعا من الألم الغائر الذي لا يمكن تداركه. يتطلب هذا الحدث – الذي يلقي بظلاله القاتمة على عزبة أبو محارب – تحقيقا دقيقا وسريع الاستجابة للوصول إلى الحقيقة وضمان تحقيق العدل.
ويعزو الكثيرين السبب في تزايد هذه الجرائم أو العنف البشري إلى ما يتم بثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي من برامج للمصارعة والقتال العنيف، والمسلسلات المصرية والعربية التي تسوق العنف على أنه بطولة ورجولة بما فيها مسلسلات محمد رمضان التي أصبحت مثالا يحتذى به في الحياة.
ومع كامل الاحترام لشخصية الفنان المصري محمد رمضان، ولكن التقليد الأعمى لتصرفات الفنان التي كانت مجرد مشاهد تمثيلية لحصد التفاعل والمتابعات، ما هي إلا تصرفات خاطئة وغير صحيحة تتسبب بانعدام الأمن في المجتمعات وزيادة معدل الجريمة.
كانت ردات الفعل في الشارع المصري متباينة بعض الشيء، ولكن أجمعوا على أهمية محاسبة هذا البلطجي المجرم لردع أمثاله وتأكيد سلطة القانون وسيادة النظام والأمان العام في مصر.
يقول “هوسني ناجي” في تغريدة عبر حسابه الشخصي على تويتر بأنه يتوجب أن تتم محاسبة بلطجي الإسماعيلية بشكل قاس للغاية لمنع تكرار مثل هذه الجرائم في ظل غياب السلطة الرادعة، مشيرا بقوله إلى أن محمد رمضان هو السبب في كل هذه المشاهدة الإجرامية. وختم تغريدته بعبارة: “لا دي أخلاقنا كمصريين ولا دا إللي تربينا عليه أبدآ… حسبي الله ونعم الوكيل.”
أما المدعوة “Sos” فتقول أنه على الشرطة أن تتعامل مع فئة بلطجية السيوف، لتختم تغريدتها باللجوء إلى الله بالدعاء والحفظ من خلال عبارة “حسبي الله ونعم الوكيل”.
هذه الحوادث ليست سوى استجلاء لحقيقة أن العنف بجميع أشكاله هو العدو الألد لتقدم المجتمعات ورفاهها، وإن السبيل إلى معالجة جذور هذا العنف لا يكمن فقط في تطبيق القانون، وإنما أيضا في العمل على تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي، وتحصين النشء بقيم التعايش والسلام.
كما يتوجب علينا جميعا – مؤسسات، حكومات، منظمات مدنية وأفرادا – أن نتحمل مسؤوليتنا في خلق بيئة تنبذ العنف وتدعم الحوار والتفاهم كأسس للتعاون والتنمية، وحظر المسلسلات والبرامج التي تصدر العنف كقيمة مجتمعية أو عادة سلوكية تصبح عرفا مع الوقت.