تستعد الأسواق الأمريكية للانتخابات الرئاسية في نوفمبر، مما تسبب في إحياء النقاشات حول أسواق التنبؤ وتقييم المشاعر العامة بناء على نتائج “المراهنات على الأحداث الحقيقية”. ومن جهة أخرى، يبرز سوق العملات الرقمية كخيار بديل لتوقع النتائج من خلال أسواق التنبؤ الآلية والميمات.
تعتبر أسواق التنبؤ في عالم العملات الرقمية منصات تتيح للمستخدمين المراهنة على نتائج أحداث مستقبلية باستخدام العملات الرقمية. يتم تحديد توقعات السوق من خلال اختيارات واضحة مثل “نعم” أو “لا”، ما يعكس تقييمات المستخدمين لاحتمال وقوع حدث معين.
تحقق هذه المنصات استخدام العقود الذكية، مما يلغي الحاجة إلى جهة مركزية أو مشغل واحد كطرف مُحكم في المنازعات. وقد تمثل المراهنات نفسها أصولا يمكن تداولها بين المستخدمين على المنصة.
وعلى الرغم من أن أسواق التنبؤ توفر خيارات كلاسيكية للمراهنة، فإن سوق العملات الميمية يوفر خيارات أكثر مرونة. وتشير التوقعات إلى أن العملات الميمية قد تعمل كبديل فعّال يسهل الدخول إلى السوق.
تُعتبر منصة بوليماركت (Polymarket) الأكبر في هذا المجال، حيث قامت بجمع 45 مليون دولار في جولة استثمارية تحت قيادة صندوق Founders Fund برئاسة الملياردير بيتر ثيل. شارك أيضا في التمويل مؤسس Ethereum، فيتاليك بوتيرين، وشركة Dragonfly Capital، مع إجمالي استثمارات بلغ 75 مليون دولار.
تجاوز إجمالي حجم التداول في بوليماركت 1 مليار دولار كما هو موضح في بيانات The Block في بداية أغسطس. وتمكنت المنصة من جذب قاعدة مستخدمين متزايدة، خاصة المهتمين بالتداول المرتبط بالفعاليات السياسية، حيث سجلت أعلى معدلات التداول على النتائج السياسية في الولايات المتحدة، محققة أكثر من 380 مليون دولار في يوليو.
ومع هذه النجاحات، يطرح الخبراء، وفقا لمجلة Forbes، تساؤلات حول قدرة المنصة على المحافظة على هذا الزخم بعد الانتخابات وكيفية التعامل مع قضايا (تحقيق الإيرادات).
على الرغم من النجاح الكبير، لا تقبض بوليماركت أي رسوم من المستخدمين حاليا، ويشير مؤسسها شين كوبلان إلى أن التركيز في الوقت الراهن هو على تطوير السوق وتقديم أفضل تجربة للمستخدمين.
في هذا السياق، يبقى التساؤل المطروح: كيف ستتمكن بوليماركت من الحفاظ على السيولة واستمرار نجاحها في عالم سريع التغير؟
تشهد سوق العملات الرقمية في الآونة الأخيرة ولادة ظاهرة جديدة تثير فضول المستثمرين، حيث بدأت العملات المشفرة المعروفة باسم “العملات الميمية” (memecoins) تجذب الانتباه، خاصة تلك المرتبطة بالشخصيات السياسية.
تُعتبر “ميمكوينز” عملات رقمية ترتكز إلى الإنترنت والثقافة الشعبية، وغالبا ما تُستخدم لأغراض المضاربة بدلا من التطبيقات العملية. وتُشير التقارير إلى أن القيمة السوقية لهذه العملات قد تضاعفت بشكل ملحوظ، حيث بلغت قيمة عملة “ترامب كوين” (TrumpCoin) نحو 300 مليون دولار في أواخر يونيو 2024، على الرغم من انخفاضها لاحقا إلى 65 مليون دولار.
تمثل هذه العملات الجديدة قطاعا منفصلا في سوق العملات الرقمية يُعرف بـ “PolitiFi”، الذي يجمع بين التحليلات السياسية ورؤى المستثمرين. تميزت هذه الظاهرة بكونها تستجيب بسرعة لتحركات السياسيين، مما يزيد من مستوى التفاعل في السوق.
وفي تصريح له، قال Forrest Przibish، تاجر العملات الرقمية ورئيس شركة Sistine Research: “ترامب هو محور جذب للأنظار، لذا سيكون له تأثير كبير على أسعار العملات المرتبطة به مع اقتراب الانتخابات”.
كما تشير البيانات إلى أن قيمة سوق “PolitiFi” تصل إلى 660 مليون دولار، مع تسجيل أحجام تداول يومية تبلغ 250 مليون دولار، مما يُظهر سيرة حياة نشطة مقارنة بالأساليب التقليدية في التنبؤات السياسية.
نعيش اليوم لحظات مثيرة في عالم العملات الرقمية، حيث تجلب “ميمكوينز” هذه أبعادا جديدة للتداول وتعكس التحولات السريعة في ميول المستثمرين.