تجلت مشاهد مثيرة للجدل في قلب العاصمة التونسية، إذ بدت تحركات قوات الأمن لإجلاء المهاجرين غير النظاميين كفصلٍ متشابك في الرواية المستمرة لأزمة الهجرة بشمال أفريقيا.
الحدث الذي جرى في الظلام ما قبل الفجر يوم الجمعة، يعرض للعيان تحديات متعددة الأوجه تخص المنطقة برمتها، فمن جمع الخيام والأمتعة إلى اصطفاف المهاجرين تحت حراسة مشددة، تبدو الأوضاع هناك ملبدة بالتوتر والإنسانية المحتجزة.
تونس التي كان يرى فيها الكثير من المهاجرين مكانا لتحقيق آمالهم في رحلتهم عبر البحر الأبيض المتوسط، شهدت حديثا ما يمكن وصفه بأحد أكثر الإجراءات صرامة من قِبل السلطات للتعامل مع المهاجرين غير النظاميين.
فالمئات من الأفراد القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، من بينهم نساء وأطفال، تم إجلائهم قسرا من مخيماتهم التي أقاموها بمحاذاة مقرات منظمات الأمم المتحدة طلبا للحماية والعون.
هذا الإجراء الذي تم بالقوة وبررته الوزارة في بيان لها بأنه “عمليات أمنية” ضرورية، يأتي عقب أشهر من الخطاب السياسي المشحون الذي ألقاه الرئيس قيس سعيّد حول المهاجرين والتغيير الديمغرافي. وقد أثارت تلك الأحداث المزيد من الاسئلة والانتقادات حول طريقة تعامل تونس مع الفئات الأكثر هشاشة من المهاجرين وطالبي اللجوء.
المنظمات غير الحكومية والهيئات الحقوقية، كالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لم تتوان في التعبير عن قلقها وشجبها للتدابير التي اتُخذت. هذه العملية أظهرت مرة أخرى مدى تعقيد وتداخل القضايا المتعلقة بالهجرة والحقوق والسياسات الوطنية.
مع التصدي للتحديات الإنسانية والمعضلات الأمنية المترتبة على التدفقات المتزايدة للمهاجرين، تجد تونس نفسها على مفترق طرق يتطلب حلولً مدروسة تحترم الحقوق الأساسية مع المحافظة على النظام والأمان.
إذ يُلقي الضوء هذا الحدث على ضرورة تبني استراتيجيات أكثر شمولية وموافقة للقانون الدولي لإدارة قضايا الهجرة، والتي من شأنها أن تعزز الأمن وفي ذات الوقت تكفل كرامة وحقوق كل فرد.