أثر انهيار منصة FTX على سوق العملات الرقمية بشكل عام، وعلى مختلف جوانب السوق وشبكات العملات وبنيتها التحتية، وبالانتقال لدبي فقد قامت الهيئة الإماراتية الناظمة لسوق العملات الرقمية المحلي VARA بإيقاف تراخيص شركة FTX لديها وتجميدها وإلغاء الاعتراف بها.
قام قادة الصناعة في دبي بدراسة تأثير انهيار FTX على السوق المحلية التي تعتبر في بدايات صعودها ونشأتها، حيث قدموا رؤيتهم الخاصة حول لوائح تنظيم صارمة ومشاريع تنموية قوية، قادرة على النهوض بسوق العملات الرقمية الإماراتية، إضافة إلى تقديم رأيهم حول تأثر السوق المحلية في دبي والإمارات بانهيار FTX.
يرى كوكيلا ألاغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كارم التي تعنى بالاستشارات القانونية، أن انهيار أسواق العملات الرقمية ستؤدي إلى فرض طوق رقابة وتدقيق على المشاريع المقدمة في السوق المحلية، قبل إعطاءها الموافقة والتراخيص اللازمة التي تعيذ لها البدء في العمل في دبي.
وأردف قائلا:
إن إساءة استخدام الأموال المستثمرة في FTX والاحتيال القذر الذي دفع بالشركة لحافة الهاوية، سيفرض على الهيئات التنظيمية التعمق كثيرا في التكنولوجيا وكيفية استيعابها في السوق بشكل مفيد ونافع. وليس يكفينا اليوم تقديم مجرد بضعة مستندات وأوراق بحث ودراسات مالية فقط، بل يجب مراقبة جميع الاستثمارات ومنصات العملات الرقمية من أجل المضي قدما في مستقبل واعد للسوق الإماراتية.
وأضاف ألاغ أيضا بأن انهيار FTX وعملتها الرقمية FTT، قد يأتي بمشاريع أفضل تستطيع استلام زمام المبادرة في سوق العملات الرقمية والنهوض به من جديد، حيث وراء كل انتكاسة وفشل كبيرين في قطاع متجدد، يأتي بمشاريع مبدعة وخلاقة أكثر من ذي قبل، تستطيع إزالة آثار الفشل السابق والتخلص من نقاط الضعف القديمة، بحيث تصعد بالسوق إلى القمة من جديد.
بينما ترى إيرينا هيفر، الشريك المؤسس في كيستون لو الشرق الأوسط، أننا سنشهد لوائح تنظيمية أكثر صرامة في القريب العاجل، وأضافت أن مؤسسي شبكات العملات الرقمية يجب أن يكونوا على استعداد لمواجهة المزيد من التدقيق من قبل الهيئات التنظيمية والسلطات القانونية، إلى جانبهم المستخدمين والمستثمرين أيضا.
وتضيف موضحة بأنه يجب على جميع المؤسسين في السوق، تنفيذ واجباتهم بالامتثال للوائح التنظيمية وفرض تدقيق صارم داخل بنية الشبكة، والحصول على الاستشارات اللازمة من قبل الجهات الناظمة عند وجود شك في أمر ما، واتخاذ ما ينبغي من الإجراءات التي يرونها مناسبة، بحيث تسبق الحاجات الموجودة في الوقت الراهن، بما يضمن عدم حدوث مشاكل في المستقبل، أو على الأقل امتلاك القدرة على مواجهتها ودرء خطرها، بحيث تكسب ثقة المستخدمين بأنها تسلك الطريق الصحيح.
تعتقد هيفر كذلك أنه يجب لمروجي العملات الرقمية وخدماتها ومنتجاتها، أن يخضعوا للرقابة أيضا، لمنع تكرار ما حدث في منصة FTX التي قام بالترويج لها النجم كيفن أوليري، والذي قام بإقناع الناس باستثمار أموالهم في FTX، ومن ثم تمت عمليات ضخ وتفريغ على الشبكة من قبل مؤسسها السابق بانكمان فريد، الذي اعترف باحتياله على الجميع وقيامه بسرقتهم.
تحدث طلال الطباع، الرئيس التنفيذي لشركة CoinMENA التي حصلت على ترخيص مؤقت من VARA الإماراتية، أن تاريخ دبي يعتبر مليئا بالأحداث والأمثلة المهمة التي تمثل مواجهة فريدة لكثير من التحديات، وكيفية الارتقاء بمستوى السوق والاستفادة من المشاكل لتنمية السوق وحل المشكلات.
ويعتبر الطباع أيضا أن انهيار شركة واحدة في السوق، لن يحدث تغييرا في الرؤية الإماراتية للسوق المحلية، التي تسعى جاهدة لجعلها مركزا عالميا للعملات الرقمية، وانهيار FTX يؤكد مدى امتلاك الإمارات لأطر تنظيمية شاملة ومتكاملة.
وبين الطباع كذلك مدى الإخفاق في الأطر التنظيمية ومؤسسات إدارة الأزمات، الذي لُوحِظ عبر انهيار لونا وVoyager وCelsius وFTX، والتي لا تعبر عن فشل للعملات الرقمية، وإنما فشل رعاتها ومؤسسيها في كيفية إدارتها ومواجهة أزمات السوق العالميةـ ويجب على الجميع إدراك هذه المفارقة المميزة والهامة.
قارن الطباع حدث انهيار FTX مع حدث انهيار dot com، فعندما انهار سعر الثانية لم يكن السبب يعود لمشكلة تقنية في الانترنت، بل بسبب فشل الشركات في طريقة بناءها للشبكة على الانترنت. وهذا الأمر ينطبق في إطاره العام على سوق العملات الرقمية بعمومه حاليا.
يذكر أن شركة FTX تعتبر من أوائل الشركات التي حصلت على موافقات هيئة التنظيم الإماراتية لسوق العملات الرقمية المحلية VARA، والتي تعتبر جهة تنظيم مشرفة على شركات العملات الرقمية، التي تزود السوق المحلية بما يحتاجه من خدمات مرتبطة باستثمار وتداول العملات الرقمية في السوق الإماراتية.
كانت شركة FTX قد حصلت في يوليو الفائت على الترخيص اللازم لبدء مزاولة أعمالها في السوق الإماراتية للعملات الرقمية، وذلك بموجب برنامج الحد الأدنى من المنتجات القابلة للتطبيق MVP، والذي سمح لها في بدء إجراءاتها والقيام بعمليات الاختبار والتجهيز للاستثمار والتداول. لكن لم يمض الكثير حتى قامت هيئة VARA بالأمس بسحب ترخيص الشركة بشكل قطعي وإلغاء الاعتراف بها.
وألغت كذلك الهيئة التنظيمية VARA ترخيص شركة FTX MENA، التي لم تكن قد حصلت على الموافقة النهائية للبدء بأعمالها، حيث أكدت التقارير عدم قيام الشركة بتأمين حساب مصرفي محلي لها، الأمر الذي يعتبر شرطاً ضرورياً من أجل السماح لشركات خدمات العملات الرقمية البدء في تقديم خدماتهم ضمن السوق الإماراتية، مع ملاحظة أنه لم يتم الكشف عن أي عملاء لها حتى الآن.