ترندينغ

ما أهمية قبرص بالنسبة لحزب الله وما الذي تخشاه إسرائيل؟

شهدت لبنان اليوم خطابا قوي اللهجة من حسن نصر الله زعيم حزب الله فقد كشف فيه عن الكثير من المعطيات والتحولات العسكرية أبرزها تهديد قبرص بشن هجوم عسكري عليها حال توسع الحرب في لبنان.

حزب الله يهدد لأول مرة بشن هجمات عسكرية ضد دولة ذات سيادة

تعتبر جزيرة قبرص التي تقع شرق البحر المتوسط بالقرب من تركيا، مركزا نشطا لمناورات عسكرية إسرائيلية وساحة تدريب مفتوحة للقوات الجيش الإسرائيلي وطائراته، فسنويا تقوم قيادة جيش الاحتلال بتدريبات ومناورات مشتركة مع الجيش القبرصي.

ولعل تهديدات نصر الله باستهداف قبرص كانت إشارة واضحة إلى أنه من الممكن أن تقوم قبرص بالتدخل عسكريا لإسناد إسرائيل، فإن لم يكن فعليا على أرض الميدان بالجنود والعتاد، فإن مطاراتها وقواعدها ستكون منطلقا لشن هجمات على لبنان.

ومن هذا المنطلق، قام الأمين العام لحزب الله بتحذير قبرص من تقديم أي شكل من أشكال الدعم إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، خصوصا بعد توتر الجبهة الشمالية من الأراضي المحتلة عقب عملية مسيرة الهدهد في حيفا التي تسببت بالذعر للإسرائيليين وحكومتهم المزعومة.

من جهته، قام الرئيس القبرصي عقب ساعات قليلة من الخطاب بالرد على نصر الله بقوله أن قبرص ليست جزءا من المشكلة بين لبنان وحكومة إسرائيل، وإنما هي جزء من الحل مؤكدا أن “قبرص لا تشارك في النزاعات”.

فيما أدلى سفير قبرص لدى إسرائيل بتصريحات متباينة جدا مع تصريحات حكومة بلاده، إذ عبر عن دعم بلاده للحكومة الإسرائيلية بحكم علاقتهم القوية معها، ومنوها إلى أن قبرص لن تمرر هذه التهديدات دون رد فعل واضح.

وعلى الرغم من تصريحات رئيس قبرص التي يشير فيها إلى أنه طرف مسالم وغير شريك في الحرب، إلا أنه قام بفتح أراضيه ومطاراته لمناورات عسكرية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، تحاكي عمليات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية وقواعد حزب الله في لبنان، كان أشهرها مناورة “شمس زرقاء” وآخرها الشهر الماضي.

وبالتالي فإن هذه التصريحات المدفوعة بتوجيه من إسرائيل وأمريكا لتحقيق الردع من خلال الرد على التهديد بالتهديد، يؤكد أهمية قبرص كهدف مشروع للبنان وإيران بالنسبة لهما حال توسع الحرب مع إسرائيل التي تعتبر قبرص قاعدة عسكرية جوية لحماية نفسها حال تدمير مطاراتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا ما يخشاه نتنياهو وحكومته المنهارة.

روسيا وكوريا توقعان اتفاقية دفاع مشترك.. وفلسطين ستحصل على سلاح من الأخيرة

بعد يوم واحد فقط من عملية الهدهد، حدثت متغيرات كثيرة في يوم واحد كانت كافية لإعطاء إشارة واضحة بأن منطقة الشرق الأوسط لن تسمح لأمريكا وإسرائيل بالهيمنة والسيادة على الموارد والنفوذ.

ولعل أبرز ما يؤكد ذلك هو التحرك الروسي الذي قام به بوتين بزيارته إلى كوريا الشمالية صباح الأربعاء، وتوقيعه اتفاقية دفاع مشتركة مع كوريا تقضي بتقديم البلدين دعما مفتوحا في كل الجوانب حال تعرض إحداهما لهجوم معادٍ.

وعلى الفور، تم توجيه قيادة الجيش الكوري بإعطاء 10 آلاف حاوية من السلاح لروسيا، تحوي 5 ملايين قذيفة مدفعية لدعم الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا وحلفائها، إضافة إلى إعلان كوريا عن استعدادها تقديم الذخيرة والسلاح لحركة حماس بالتعاون مع روسيا.

بينما وصل بوتين مساء الأربعاء إلى فيتنام في جولة مستمرة وغير معلنة الأهداف والتوجهات، رغم مذكرة التوقيف بحقه والصادرة عن محكمة العدل الدولية، إلا أن ذلك يؤكد على نية روسيا الاستمرار في حربها على أوكرانيا وتقديم الدعم لحلفائها في الشرق الأوسط بشكل أكبر من ذي قبل.

كما يسعى الدب الروسي إلى تطوير أسلحة استراتيجية جديدة، تتضمن بناء غواصات نووية جديدة من الجيل الخامس تعمل بمواصفات فنية عالية المستوى ومزودة بأحدث طرازات صواريخ كاليبر وكروز، والتي ستزيد من القدرات العسكرية للجيش الروسي وتحقق تكافئا جديدا لردع دول حلف الناتو والتهديدات الأمريكية.

إضافة إلى أن روسيا تستعد للمشاركة في معرض IMDS-2024 الدولي للدفاع البحري، والذي ستكشف فيه عن نماذج لمنظومات Komar 3M47-01E و 3M47-03E، إضافة إلى منظومات Palma المزودة بصواريخ Sosna-R، وهي أسلحة دفاع جوي حديثة جدا، قادرة على التصدي للمسيرات والطائرات والدرونات والقوارب المسيرة والصواريخ المضادة للسفن والقنابل الموجهة.

أما التحركات الإيرانية فهي ما تزال سرية وغير معلنة، خصوصا مع الفترة الانتقالية التي تشهدها الرئاسة الإيرانية عقب وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بتحطم مروحيته في مايو الفائت، إلا أن الدعم المفتوح للحوثيين ومحور المقاومة بقيادة حزب الله يبدو واضحا من النتائج التي تحققها هذه الفصائل في الميدان جنوب لبنان وحوض البحر الأحمر.

صلح أم حرب: روسيا وإيران تؤججان نار الحرب وأمريكا تريد هدنة انتخابية

ومع شلل شبه تام في البحر الأحمر وخسائر بمليارات الدولارات لشركات أمريكية وإسرائيلية وأوروبية، تتصاعد وتيرة الأزمات بتهديدات روسية بيلاروسية كورية بفتح حرب نووية على أمريكا وحلفاءها، ما يجعل معضلة الشرق الأوسط أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.

وأصبح أكبر مخاوف إسرائيل وأمريكا الآن، هو تزويد حركة حماس وفصائل المقاومة بالسلاح والذخيرة عبر قنوات روسية كورية إيرانية مشتركة، خصوصا مع التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم واسع النطاق على لبنان والإشارة إلى وجود نوايا باغتيال السيد حسن نصر الله لردع المقاومة وإيقاف حرب الشمال.

فهل نشهد انسحابا وتفاهما روسيا أمريكيا يمنع وقوع كارثة نووية في الشرق الأوسط؟ خصوصا مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تسعى لهدنة سياسية ووقف للحرب في الشرق الأوسط بما في ذلك فلسطين ولبنان، أم أننا سنشهد تصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة لا تحمد عقباها؟

لعل الأيام القادمة ستكون كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات التي ستحدد مصير شعوب المنطقة والعالم بأكملها، إما بنهاية العولمة وهيمنة القطب الواحد بقيادة أمريكا والدولار، أو إيجاد أقطاب جديدة تكسر شوكة الغرب وتنهي هيمنة أمريكا التي استنزفت دول العالم واقتصادها لعقود طويلة.