مع نهاية الحرب العالمية الأولى، أجبرت ألمانيا على قبول شروط الدول المنتصرة، التي لم تقتصر على تقليص حجم جيشها والتنازل عن جزء من أراضيها ومستعمراتها، بل تضمنت أيضا تسديد تعويضات ضخمة بلغت قيمتها 132 مليار مارك ذهبي.
واجهت ألمانيا أزمات مالية متعددة على مدار السنوات التي تلت الحرب، برزت إحداها في بداية الثلاثينات وذلك تزامنا مع الكساد الكبير عقب انهيار بورصة وول ستريت عام 1929، مما أدى إلى تأخرها عن سداد هذه التعويضات.
شهدت ألمانيا بحلول منتصف عام 1931، أزمة مالية خانقة أدت إلى انهيار العديد من المؤسسات المالية منها بنك دانات، ثاني أكبر بنك في البلاد، وقد أعلن الرئيس الأمريكي هربرت هوفر بعدها بمشاركة ممثلين عن 15 دولة أخرى، عن خطة لوقف سداد التعويضات الألمانية لمدة سنة.
كما أكدت اللجنة الاستشارية لبنك التسويات الدولية في تقرير أواخر ديسمبر 1931، على عدم قدرة ألمانيا على سداد التعويضات بعد انتهاء المهلة الممنوحة لها، مشيرة إلى الوضع الاقتصادي الكارثي الذي كانت تواجهه البلاد.
وهنا دعت ألمانيا إلى عقد مؤتمر دولي جديد للتشاور حول التعويضات، ولكن قبل فترة وجيزة من افتتاح المؤتمر، استقالت حكومة المستشار الألماني هاينريش برونينج، وحلت محلها حكومة المستشار فرانز فون بابن بمرسوم رئاسي.
وخلال هذا المؤتمر الذي سمي فيما بعد بمؤتمر لوزان، طالبت الحكومة الألمانية بشطب ما تبقى من التعويضات، مؤكدة أنها قدمت مبالغ مالية كبيرة على مدى السنوات السابقة. لكن الفرنسيين والبريطانيين رفضوا هذه المطالب، وأصروا على مواصلة برلين سداد المبالغ المتبقية.
لقد ألزمت معاهدة لوزان الألمان مع نهاية أعمال المؤتمر، بسداد دفعة مالية بلغت ثلاثة مليارات مارك ذهبي، تدفع على شكل سندات بنسبة 5% لصالح بنك التسويات الدولية في بازل السويسرية، لم تكن هذه السندات قابلة للاسترداد إلا بعد ثلاث سنوات، ولم يكن من الممكن طرحها في السوق قبل مرور 15 سنة، بانتظار انتعاش الوضع الاقتصادي العالمي.
كان من المقرر أن تصبح اتفاقية لوزان سارية المفعول حال التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وحلفائها لسداد قيمة القروض التي حصلوا عليها من واشنطن خلال الحرب العالمية الأولى. ولكن، بسبب عدم التوصل لهذا الاتفاق، لم يتم التصديق على معاهدة لوزان، وبالتالي لم تصبح صالحة من الناحية القانونية.
مع صعود النازيين لاحقا، توقفت ألمانيا عن سداد مبالغ التعويضات للدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وبدأت في إعادة تسليح نفسها.