هناك بعض المواد التي تمتلك خصائص خطيرة ومدمرة لدرجة تفوق الخيال.
واحدة من هذه المواد هو حمض الهيدروفلوريك، وهو حمض قوي جدا يمكنه إذابة العظام والأسنان والمعادن والزجاج والخزف والمطاط والبلاستيك والجلد واللحم والأنسجة والأعضاء والخلايا والحمض النووي.
حمض الهيدروفلوريك هو مركب كيميائي غير عضوي يتكون من ذرات الهيدروجين والفلور. وصيغته الكيميائية هي (HF) وهو ينتج عن إذابة غاز الهيدروفلوريك في الماء. وهو سائل عديم اللون وسام جدا ويمتلك رائحة حادة ومنفذة.
قد تتساءل كيف يمكن لحمض الهيدروفلوريك أن يكون الحمض الأقوى في العالم، بينما هناك أحماض أخرى مثل حمض الكبريتيك وحمض النيتريك وحمض الهيدروكلوريك التي تمتلك درجات حموضة أعلى. وهذا لأنه يكمن في طريقة تفاعل حمض الهيدروفلوريك مع المواد الأخرى. فبينما تقوم الأحماض الأخرى بتحرير البروتونات (الهيدروجينات الإيجابية) في المحلول المائي، والتي تحدد درجة الحموضة، يقوم حمض الهيدروفلوريك بتكوين روابط مع الفلوريدات (الفلور السالبة)، والتي تحدد قدرة الحمض على إذابة المواد.
وهذا يجعل حمض الهيدروفلوريك قادرا على إذابة مواد لا تذوب في الأحماض الأخرى، مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والألومنيوم والحديد والنحاس والزنك والفضة والذهب والبلاتين واليورانيوم والبورون والسيليكون والكربون والفوسفور والكبريت والنيتروجين والأكسجين والهيليوم والنيون والأرجون والكريبتون والزينون والرادون.
حمض الهيدروفلوريك هو حمض خطير للغاية ويجب التعامل معه بحذر شديد واستخدام معدات وقاية شخصية ملائمة.
ففي حالة ملامسة الحمض للجلد، لن يحرقه فقط، بل سيتغلغل إلى الأنسجة العميقة ويهاجم العظام والأعصاب والأوعية الدموية. وهذا قد يسبب آلاما شديدة ونزيفا وتلفا دائما وحتى الوفاة. وفي حالة استنشاق الحمض، قد يسبب تهيجا وحروقا في الجهاز التنفسي والرئتين والحنجرة والقصبة الهوائية والمريء.
وهذا قد يسبب ضيق في التنفس وسعالا وخروج دم وتلفا في الأنسجة والخلايا والحمض النووي. وفي حالة ابتلاع الحمض، قد يسبب تهيجا وحروقا في الفم واللسان والحلق والمعدة والأمعاء. وهذا قد يسبب قيء وإسهال ونزيف وتقرحات وتلفا في الجهاز الهضمي والكبد والكلى والقلب والدماغ.
رغم خطورة حمض الهيدروفلوريك، فإنه يستخدم في العديد من الصناعات والتطبيقات الهامة. فهو يستخدم في صناعة الألمنيوم والفلوروكربونات والأدوية والمبيدات والأصباغ والمنظفات والبطاريات والمصابيح والألياف البصرية والأقمار الصناعية والوقود النووي.
كما يستخدم في تنظيف وتلميع ونقش وتحليل الزجاج والخزف والمعادن والأحجار الكريمة والأسنان والعظام والأحافير والمواد العضوية. وبالإضافة إلى ذلك، يستخدم في بعض العمليات الجراحية والطبية، مثل علاج الورم العظمي والتخلص من الجثث البشرية والحيوانية.