بعد مرور شهر على اندلاع الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، يواجه الاقتصادين الإسرائيلي والفلسطيني أزمة خانقة تهدد بتقويض النمو والتنمية المستدامة في المنطقة. وفي ظل استمرار العمليات العسكرية وتصاعد حدة التوترات، تتراكم الخسائر والأضرار على كل طرف، وتمتد لتشمل بعض دول المنطقة المتأثرة بارتدادات الحرب على قطاعات اقتصادية مختلفة.
ويعاني القطاع السياحي في إسرائيل من انخفاض حاد في عدد الزوار والإقامات الفندقية، مما يؤثر سلباً على الإيرادات السياحية ويزيد من معدلات البطالة والناتج المحلي الإجمالي. وبحسب تقرير لشركة (بي.دي.أو إزرائيل) للمحاسبة والاستشارات، فإن ما يقرب من 99 ألف زائر، معظمهم مصنفون كسائحين، جاءوا إلى إسرائيل في أكتوبر مقابل 369 ألفا في الشهر نفسه من عام 2022، و485 ألفا في نفس الفترة من عام 2019 قبل جائحة فيروس كورونا.
وتعد معاناة القطاع السياحي جزءاً من معاناة أكبر تشهدها مختلف القطاعات الاقتصادية مع خسائر باهظة في الأسابيع الأربعة الأخيرة، نتيجة كلفة الحرب وتداعياتها على الأنشطة الاقتصادية كافة ومناخ الاستثمار. ومن بين تلك الخسائر، تراجع صادرات إسرائيل من الغاز الطبيعي بنسبة 70 بالمئة بعد إغلاق حقل تمار، وتكبد الاقتصاد خسائر تقدر بنحو 800 مليون شيكل (201 مليون دولار) شهرياً، بحسب وكالة رويترز.
وأشار تقرير للبنك المركزي الإسرائيلي إلى أن الحرب ستؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي من 3 بالمئة إلى 2.3 بالمئة في عام 2023، وإلى زيادة الدين العام من 72 بالمئة إلى 75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وحذرت وكالتا موديز وفيتش من احتمال خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل بسبب تزايد خطر اتساع الصراع وتفاقم الأزمة.
وعلى الصعيد الفلسطيني، يدفع قطاع غزة فاتورة باهظة للدمار الذي خلفته الحرب، فيما يخص البنية التحتية والمنشآت المدنية والمنازل والمؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية. وبحسب تقرير للأمم المتحدة، فإن الحرب أسفرت عن مقتل أكثر من 2000 فلسطيني، بينهم 500 طفل، وإصابة أكثر من 10000 آخرين، وتشريد أكثر من 100 ألف نسمة. وقدرت الأمم المتحدة حجم الاحتياجات الإنسانية في غزة بنحو 1.2 مليار دولار.
ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من تداعيات وخسائر كبيرة نتيجة تعطل النشاط جراء الحرب، فعلى سبيل المثال تعاني الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من انخفاض كبير في الإنتاجية والإيرادات، وتزداد صعوبات تأمين فرص العمل للسكان المحليين. وبحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية، فإن غزة فقدت أكثر من 60 بالمئة من الوظائف بسبب الحرب، وارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 50 بالمئة.
ومن المثير للقلق أن هذا الصراع الدائر بين إسرائيل وحماس له تداعيات عالمية، حيث يشعر المجتمع الدولي بقلق شديد إزاء تفاقم الأزمة وتأثيرها السلبي على الاقتصادات العالمية9. ففيما تتداخل مصالح عدة دول وشركات دولية في المنطقة، وهذا يزيد من خطورة الصراع ويعزز أهمية العمل على إيجاد حل سلمي ومستدام