ما هي أسباب انهيار الأسعار في سوق العملات الرقمية؟

سوق العملات الرقمية، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة ونمو سريع في السنوات الأخيرة، يمر بفترة عصيبة في الوقت الحالي.

ففي عشرة أيام فقط، خسر هذا السوق 10٪ من قيمته السوقية، وهو ما يعادل 140 مليار دولار. وهذا يعني أن قيمة جميع العملات الرقمية المتداولة في العالم انخفضت إلى 1.04 تريليون دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ منتصف يوليو.

ولكن ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا التصحيح الكبير في سوق العملات الرقمية، وهل يمكن لهذا السوق أن يستعيد زخمه، وما هي التأثيرات التي قد تنجم عن ذلك على الاقتصاد العالمي، سنحاول تحليل هذه التساؤلات بالاستناد إلى بعض المؤشرات والبيانات المتاحة.

انهيار عقود آجلة بقيمة 2.5 مليار دولار

أحد العوامل التي ساهمت في تفاقم انخفاض سوق العملات الرقمية هو حجم التصفية الضخم للعقود الآجلة، وهي نوع من المشتقات التي تسمح للمستثمرين بالرهان على اتجاه سعر أصول معينة في المستقبل.

ففي 23 أغسطس، تم إغلاق صفقات عقود آجلة بقيمة 2.5 مليار دولار بشكل قسري، بسبب عدم كفاية رصيد حسابات المستثمرين لتغطية خسائرهم.

وهذا هو أكبر حجم تصفية يومية منذ انهيار FTX، أحد أكبر منصات التداول بالعملات الرقمية، في نوفمبر 2022.

التصفية تحدث عندما يصبح رصيد حساب المستثمر أقل من مستوى معين يسمى “الهامش المطلوب”، والذي يختلف باختلاف نوع وحجم الصفقة.

عندئذ، تقوم المنصة بإغلاق الصفقة بشكل تلقائي، وتسترد الهامش المودع من قبل المستثمر، وتخصم الخسارة منه. وهذا يعني أن المستثمر يفقد جزءا كبيرا أو كل رأس ماله، حسب حجم الصفقة واتجاه السوق.

وعادة ما تؤدي التصفية إلى تفاقم الانخفاض في سوق العملات الرقمية، لأنها تضطر المستثمرين إلى بيع عملاتهم لتغطية خسائرهم أو لتجنب المزيد من التصفية.

وهذا يزيد من الضغط على الأسعار، ويخلق دورة سلبية من الخسائر والتصفية.

تباطؤ النمو في الصين

عامل آخر يؤثر على سوق العملات الرقمية هو الوضع الاقتصادي في الصين، والتي تعد أكبر سوق للعملات الرقمية في العالم.

فالصين تشهد تباطؤا في نموها، بسبب تفشي فيروس كورونا والتدابير الصارمة للحد من انتشاره. كما تواجه الصين ضغوطا خارجية، بسبب التوترات التجارية مع الولايات المتحدة والحظر على بعض شركات التكنولوجيا الصينية.

وتظهر بعض المؤشرات انخفاضا في نشاط الصين الاقتصادي، مثل مؤشر PMI للتصنيع والخدمات، والذي يقيس حجم الإنتاج والطلب في قطاعات مختلفة.

كما شهدت الصادرات والواردات الصينية انخفاضا في يوليو، مقارنة بالشهر السابق. فانخفضت قيمة الصادرات بنسبة 8.8٪، إلى 281.4 مليار دولار.

وانخفضت قيمة الواردات بنسبة 12.7٪، إلى 212.6 مليار دولار. وهذا يدل على ضعف في الطلب المحلي والخارجي على المنتجات الصينية.