يشهد البشر ثورة رقمية كبيرة تحمل في طياتها طفرات خاصة للعديد من المجالات والمهن البشرية بما فيها الصحافة التقليدية، التي حل مكانها وسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة عبر الهاتف المحمول والحاسب وغيرها من الأجهزة التقنية الحديثة.
ولكن التحدي الذي يواجه صناع المحتوى الرقمي بمختلف أنواعه وأهدافه وأسبابه، هو المصداقية الصحفية والإخلاص في نقل الوقائع والمشاركة في عملية صياغة ذلك المحتوى بشفافية بعيدا عن التعصب والمحاباة والتحيز، لأن في ذلك مسؤولية أخلاقية تتعدى الرأي الشخصي ووجهات النظر.
ولذلك فإن جودة المحتوى الرقمي وحجم الجهد المبذول في صناعته والتقصي عنه، هي العامل الأبرز في تميز ذلك المحتوى وجعله يصل إلى الآخرين بسرعة ونسب أكبر، ويتصدر مكانة عالية في محركات البحث وأولويات المتابعين والقرّاء.
والآن بعد تلك المقدمة فإن مفهوم الإعلام والصحافة الرقمية باختصار هو جمع المعلومات والأخبار وتحريرها وإعادة صياغتها بأسلوب خاص بالصحفي، ليقوم بمشاركتها في الصحف والمواقع ووسائل التواصل الاجتماعي والمدونات.
كانت الصحافة التقليدية تقتصر على المجلات والصحف والكتب والأبحاث الورقية المدونة من قبل أشخاص باحثين أو علماء أو سياسيين، وترتكز على تقديم تقارير إخبارية، أما الإعلام فهو عبارة عن الصحافة الرقمية التي توسع نطاق أدواتها من التقليدي إلى وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والمنتديات الرقمية بعد ظهور الشبكة العنكبوتية أو الإنترنت.
يمكن توضيح الفرق بين الصحافة والإعلام، بأن الإعلام ظهر بعد اختراع الإنترنت وابتداع مفهوم العولمة الذي من خلاله أصبح العالم قرية صغيرة، وقبل ذلك فكل ما يتداوله الصحفيون من أخبار ومعلومات بشكل ورقي هو الصحافة التقليدية.
وتعتبر الصحافة الرقمية جزء من الإعلام في القرن 21، إذ لم يقتصر دور الإعلام على مشاركة الأخبار السياسية والمقابلات مع المسؤولين ونقل أهم الأحداث والوقائع حول العالم من حروب وكوارث وغيرها من المتغيرات الجيوسياسية، بل توسع ليشمل المحتوى التعليمي والثقافي والترفيهي والإعلاني وغيرها.
وكان دور الصحفي يقتصر سابقا على جمع البيانات والمعلومات من الكتب والصحف والمستندات الورقية وصياغة مادة إخبارية جديدة، والتي يقدمها الإعلامي في نشرات الأخبار عبر الإذاعة والتلفزيون قبل اختراع الإنترنت، واليوم بات يقدمها عبر مختلف منصات التواصل الرقمية مثل فيسبوك ويوتيوب والمدونات الرقمية والمواقع الإخبارية والتلفزيونية المتاحة للجميع عبر الهاتف والحاسب الشخصي.
أصبح اليوم بمقدر الصحفي أن يجمع الأخبار من هاتفه الصغير، فبنقرة زر على محركات البحث بما فيها غوغل و Bing و Yahoo وغيرها، يستطيع أن يحصل على آخر الأخبار والمستجدات في العالم، موثقة بالصورة والفيديو والتي كانت تشكل الجزء الأصعب في نقل الوقائع للجمهور لدعم مصداقية الخبر وشفافية المصدر الموزع.
ويتضمن محتوى الصحافة الرقمية إلى جانب النصوص من المرحلة التقليدية، الوسائط الرقمية كالصور، الفيديوهات، المخططات والرسوم البيانية (الإنفوجرافيك) والبودكاست وغيرها من أنواع المحتوى الرقمي التي تعتبر نتاج البحث والتحقيق من قبل الصحفي والباحث، الذي يتقصى عن الخبر لمعرفة فحواه ونشره بشكل دقيق وموثق وفقا لما تقضيه أخلاقيات مهنة الصحافة.
وللصحافة الرقمية أنواع، تختلف باختلاف حالة الخبر والمعلومة والسبب من البحث عنها وكتابتها ونشرها للجمهور، وهذا يأتي حسب توجهات الشركات الإعلامية والإخبارية، واختصاص الصحفيين الذين يعملون في تلك الشركات. ولعل أبرز أنواع محتوى الصحف الرقمية هي:
وهي المحتوى الذي يهتم بنشر الأخبار فور حدوثها بشكل سريع، وقد تشمل التغطية المباشرة للواقعة من قلب الحدث، وهذا ما تقدمه المحطات التلفازية الكبرى من خلال شبكة المراسلين والإعلاميين التابعين لها.
ولعل أشهر وكالات الأنباء التي تقدم الأخبار العاجلة للصحف العالمية هي:
يسلط هذا النوع من الصحف الضوء على قضايا بعينها، وذلك باستخدام الوسائل الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي، ويقوم صانعوها بعمليات التحقيق والتدقيق للمادة الإخبارية للكشف عن نتائج تلك القضية ومسبباتها وتحديد إيجابياتها وسلبياتها، ويتوجب عليهم التواصل مع الجهات المختصة لحل تلك القضية في حال كانت مشكلة أو أزمة.
من أمثلتها الأزمات الاقتصادية (الفقر – الجوع – ارتفاع الأسعار – التضخم)، والصحية (الأمراض – الأوبئة – تلوث المياه)، والسياسية (الحروب – الإرهاب)، والاجتماعية (الطلاق – عمالة الأطفال – الزواج المبكر – زواج القاصرات – التنمر)، والبيئية (السيول – التصحر – الاحتباس الحراري) وغيرها من المجالات والقضايا.
وهو ذلك المحتوى الذي يهدف لجمع البيانات من المهتمين بقضية أو مشكلة ما، من خلال استطلاعات الرأي وتقديم الخرائط التفاعلية التي تجذب المعنيين والمتأثرين بتلك القضية.
برأيي الشخصي، يمكن اعتبارها نتاجا للتقارير الاستقصائية التي تقدم البيانات بعد دراسة مشكلة بعينها والتحقيق فيها، وهذا ما يساعد في فهم أكبر للأخبار والقضايا من خلال المحتوى المرئي والرقمي الذي تقدمه.
وهي المحتوى الصحافي الذي يشارك في صناعته المواطنين والجمهور إلى جانب الصحفيين، وذلك من خلال المراسلون الميدانيون، أو مشاركة الناشطين في قضية ما لأفكارهم ومعلوماتهم مع الوسائل العالمية في الإعلام والصحافة.
ومثال على ذلك مشاركة باحث أو مهندس لفكرة مشروع أو تقنية مبتكرة مع الإعلام، إذ تكون فكرة المحتوى مقدمة من الباحث، ويتبقى على الصحفيين والإعلاميين تنسيق ذلك المحتوى وترويجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تختلف طرق الوصول إلى الصحافة حسب الموارد المتاحة للبشر، فمنها ما يكون فوري عبر الحاسب والهاتف أو يكون غير فوري من خلال وثائق رقمية كالـ DVD، وفيما يلي نبين أنواعها بشكل مفصل:
بعد ما تقدم من معلومات حول مفهوم الصحافة الإلكترونية والإعلام وأنواع محتوى الصحافة الإلكترونية، بات جليا مقدار أهمية الصحافة الرقمية في الوقت الحاضر، والتي تعتبر صلة الوصل بيننا وبين ما يجري حول العالم من متغيرات وأحداث عبر الشبكة العنكبوتية وتطبيقاتها.
وتسببت الصحافة الرقمية في إحداث ثورة في عالم المعرفة والأخبار وصناعة المحتوى، إذ باتت جزءا من الحياة اليومية لكل شخص على اختلاف الأعماء والأجناس، فمنا من يهتم بالأخبار السياسية، أو المحتوى الترفيهي، أو مجالات منوعة كالعلوم والتكنولوجيا والأبحاث التعليمية في مختلف المجالات كالرسم والطبخ والبرمجة وغيرها.
واستكمالا للجملة الأخيرة السابقة، وبناء على أنواع المحتوى الكثيرة التي ظهرت تباعا بسبب تطور الخبرات وظهور المزيد من وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت المواقع والشركات التي تقدم المحتوى والصحف الرقمية أكثر تخصصا، فمنها ما يقدم المحتوى الخاص بالسياسة والأخبار، ومنها ما يقدم المحتوى التقني والأكاديمي، أو الطبي والصحي، أو الترفيهي والكوميدي وغيرها من أنواع المحتوى، بطريقة تسهل علينا الوصول إلى المحتوى الذي نبحث عنه في نطاق محدد دون التكلف في البحث وهدر الوقت.
ويمكن تلخيص أبرز النقاط التي تكمن فيها أهمية الصحافة الرقمية على النحو الآتي:
بدأت الصحافة الإلكترونية في العالم العربي بالاعتماد على التحولات التكنولوجية الكبرى التي شهدتها أواخر القرن العشرين. ورغم محدودية انتشار الإنترنت في التسعينات، حيث كان عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 0.55 لكل 1000 مواطن عام 1995 مقارنة بالمعدل العالمي 7.7 لكل 1000، شهدت الفترة التالية تطورا ملحوظا، ففي عام 1998، ارتفع انتشار الإنترنت في المنطقة إلى 3.3 لكل 1000 مواطن.
ورغم هذا التقدم، واجهت الصحافة الإلكترونية العربية تحديات تقنية كبيرة، أبرزها الدعم الفني للحرف العربي. ففي البداية، لم تكن معظم تطبيقات الإنترنت والبرمجيات وأنظمة التشغيل تتعرف على النص العربي، مما دفع الصحافة الإلكترونية للاعتماد على الماسحات الضوئية وصيغة PDF. كما كانت خدمات الأرشفة ضعيفة، حيث وفرت 79% من الصحف الإلكترونية أرشيفا لمدة يومين فقط عام 1997.
ومنذ عام 2000 حتى 2007، شهد استخدام الإنترنت في العالم العربي قفزة كبيرة، حيث وصل مستخدمو الإنترنت إلى 11% من سكان المنطقة. كانت الدول الخليجية في المقدمة، حيث سجلت قطر 26.6% والكويت 25.6% من نسبة الاستخدام.
هذه المرحلة شهدت تطورا واضحا في البنية التحتية للإنترنت وانخفاضا في تكلفة شراء أجهزة الحاسوب والاشتراك في الشبكة. رغم ذلك، لم تنعكس هذه التطورات بشكل كاف على مستوى تطور المحتوى الإخباري والصحف الإلكترونية. في عام 2007، أفادت الدراسات أن 45% من مستخدمي الإنترنت لم يزوروا مواقع الأخبار، و20% يتصفحون هذه المواقع مرة واحدة في الأسبوع.
ومع حلول نهاية عام 2017، وصل انتشار الإنترنت في العالم العربي إلى 43%، مقارنة بالمعدل العالمي 49.7%. لتسجيل قطر أعلى نسبة انتشار بنسبة 98.3% من إجمالي السكان، تلتها الأردن بنسبة 80%، والكويت بنسبة 78.4%.
ولكن قد لا تصدق عزيزي القارئ أنه ورغم كل هذا التطور التقني والتحسن في البنى التحتية الرقمية والتقنية، لم تستطع الصحافة الإلكترونية العربية أن تستفيد بالشكل المطلوب من هذا التطور لتحسن من جودة خدماتها أو تقنيات عرض المحتوى، وهذا يعود إلى أربعة جوانب أساسية:
لا شك أن الصحافة الإلكترونية في العالم العربي قد مرت بمراحل نمو وتحديات متعددة، ولكن رغم التطورات التكنولوجية الكبيرة التي شهدتها المنطقة، لا تزال الصحافة الإلكترونية تواجه تحديات كبيرة في تحسين جودة المحتوى والتفاعل مع الجمهور.
تشير إحصائيات قديمة تعود إلى منتصف التسعينات، إلى أن انتشار الصحف اليومية في العالم العربي كان منخفضا بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى، إذ كان معدل التوزيع في مصر 38 نسخة لكل 1000 مواطن، في الأردن 45، في العراق 20، في لبنان 141، في السعودية 49. بينما كان المعدل في بريطانيا 332، وفي اليابان 580، وفي فرنسا 218 نسخة لكل 1000 مواطن.
في ذلك الوقت، لم تكن قراءة الصحف جزءا من الحياة اليومية للأفراد بل اقتصرت على النخب الصغيرة، إذ أن نحو 45% من سكان العالم العربي كانوا يعانون من الأمية وهذا كان كافيا لابتعاد الكثيرين عن سوق الصحف والمجلات.
وظهرت لاحقا الصحافة الرقمية في العالم العربي أواخر تسعينيات القرن الماضي، فقد شهدت نموا واضحا مع إطلاق عشرات المحطات والفضائيات العربية على التلفزيون، لتظهر شبكات الأخبار العربية كالجزيرة.
بلغ حجم السوق الإعلانية في وسائل الإعلام العربية ما قيمته 1.1 مليار دولار أمريكي فقط موزعة على 11 دولة عربية في سنة 1995، لترتفع هذه البيانات إلى أكثر من 2 مليار دولار في عام 2000 موزعة على دول آسيا العربية فقط.
ورغم هذه التطورات، لم يكن ناشرو الصحف اليومية يأخذون الصحافة الإلكترونية على محمل الجد كمنافس لهم، إذ كان جل اهتمامهم ينصب على منافسة المحطات التلفزيونية الفضائية. بمعنى آخر، لم يكن للصحافة الإلكترونية في بداية القرن 21 أي خطة عمل اقتصادية، وظلت تعتمد على المبادرات الفردية الصغيرة دون تطوير نماذج اقتصادية ناجحة.
لاحقا وفي عام 2008، ارتفع الإنفاق على الإعلانات في وسائل الإعلام العربية إلى نحو 5.296 مليارات دولار، ولكن 56 مليون دولار فقط من هذا الإنفاق كان مخصصا للإعلان عبر الإنترنت. وبحلول عام 2014 – 2015، وصلت حصة الإنترنت إلى نحو 17% من قيمة إنفاق سوق الإعلان العربية، لتستحوذ الصحافة الإلكترونية على 23% من هذه النسبة.
ويمكن تلخيص تطور الصحافة الإلكترونية العربية في 3 فترات مراحل هي:
ورغم مرور أكثر من ربع قرن على نشأة الصحافة الرقمية، لكن لا تزال الصحافة العربية متأخرة كثيرا عن النموذج العالمي منها، وهذا يعود لضعف المهنية والتشريعات والسياسات المرتبطة بها، ناهيك عن المنافسة العالمية من كبرى شركات الأخبار ووكالات الأنباء التي باتت تتحكم في الهوية الفكرية لمستهلكي الأخبار وسلوكهم.
كما أن تجربة تقديم المحتوى الإخباري المدفوع لا تزال محدودة في العالم العربي للغاية، وذلك بسبب صعوبات اقتصادية وسياسية وتقنية واجتماعية متعددة تشهدها الدول العربية نتيجة الحروب والأزمات الاقتصادية، كما هو الحال مثلا في لبنان، اليمن وليبيا.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها البشر عبر مختلف أدوات التكنولوجيا الحديثة، لاعبا كبيرا في التأثير على الأفكار والمعتقدات، بل باتت جزءا من الحياة اليومية لمليارات البشر. ومنصات التواصل التي تقدم شتى أنواع المحتوى والصحف الإلكترونية، هي مصدر للعمل، التسلية، التعلم، التعبير عن الرأي وغيرها من الأمور التي يتم استخدام منصات التواصل لأجلها.
ومع الانتشار الكبير الذي وصلت إليه، أصبحت سلاحا ذو حدين، إما أن يحسن الإنسان استغلاله ويوظفها في تنمية عقله وقدراته ومواهبه ليزيد من إنتاجيته ونجاحه ويصل إلى مكانة أعلى ويضيف قيمة معنوية أكبر إلى حياته وشخصيته وذاته، أو أن يسيء استغلالها فتصبح عالة عليه ومصدرا لإضاعة الوقت دون أي جدوى تذكر.
ويقع على عاتق الصحفي مسؤولية كبيرة ضمن مجال عمله، فهو مكلف بتسليط الضوء على كافة القضايا من حوله والتي تحدث في مجتمعه الصغير ضمن نطاق وطنه، والمجتمع الأكبر ضمن الأمة أو العالم بشكل عام، إذ يملك القدرة على التأثير والتغيير للأفضل من خلال المحتوى الرقمي الذي سيقدمه لوسائل الإعلام الذي يتابعه مئات الملايين من البشر.
وهنا يبرز تأثير الصحافة وجنودها من الصحفيين في تغيير المجتمعات وتنميتها نحو الأفضل، من خلال نشر الأخبار والأفكار والآراء التي تعتبر جزءا في عملية تشكيل الرأي العام وممارسة الديمقراطية وحرية التعبير، بطريقة تسلط الضوء على المشاكل لمواجهتها وحلها، وتعزز النقاط الإيجابية التي قد يجهلها الكثير من أفراد المجتمع بسبب ضعف التغطية الإعلامية لها، لذلك تمتلك الحكومات إعلاما محليا بها يسلط الضوء على إنجازاتها وخططها، ويعزز عملية المساءلة والمحاسبة.
كما تمتلك الصحافة الرقمية دورا كبيرا يتعدى الجانب الشخصي ويصل إلى التأثير في نفسية مجتمعات بأكملها، مثل تغطية النزاعات والحروب في بعض المناطق المعزولة عن الرأي العام، كما هو الحال في فلـ.ـسطين، والتي كانت بمنأى عن اهتمامات الصحف العالمية والعربية والغربية قبل اندلاع الحرب الأخيرة في أكتوبر الماضي والتي أسقطت بنورها الضوء على خفايا ما يجري هناك.
وهنا يبرز دور الإعلام، المرئي والمقروء والمسموع، في نقل الحقائق والوقائع بطبيعتها المجردة دون أي محاباة أو عنصرية، لتسليط الضوء على حقيقة ما يجري في مكان الحادثة، وجعل المهتمين والمتابعين يتفاعلون وفقا للعقل والمنطق الذي يملي على الإنسان كيف يتصرف مع المحتوى الذي يراه.
ولا بد من الإشارة إلى أن الصحافة والإعلام لا يمكن أن تتجرد من الإنسانية والمشاعر، فهي من صنع البشر الذي يملك إحساس العاطفة بالفطرة، وهذا ما يصل إلى المشاهد من خلال طريقة التعبير والإنشاء للخبر والمحتوى الرقمي، مما يبني تواصلا غير مباشر بين الصحفي والإعلامي وبين المشاهدين، والذي تبرز ردود فعله من خلال التعليقات والتفاعل مع ذلك المحتوى.
أصبحت الصحافة الرقمية اليوم واحدة من أكثر مجالات العمل طلبا في السوق، فهي توفر فرص عمل كثيرة في العديد من المجالات والتخصصات، خصوصا مع تطور هذا المجال ونمو قدرات التكنولوجيا الرقمية.
ويمكن القول أن الصحافة الرقمية باتت تمتلك سوقا من فرص العمل، إلى جانب أنها تستثمر في العقول وتؤثر في أفكار المجتمعات. وتتطلب الصحافة الإلكترونية وجود الصحفي والكاتب (أو المدون) والمصور وفريق من المختصين في المونتاج للمقاطع المرئية، ومديرا لكل تلك الكوادر، إلى جانب حاجة وجود جهة ممولة سواء كانت من القطاع الخاص أو الحكومي.
كما يتطلب تسويق محتوى الصحافة الرقمية وجود الإعلاميين والمصورين وكادر الإخراج ومهندسي الصوت والصورة والإشارة والبث الفضائي، وكادر تقني لمتابعة صفحات السوشال ميديا ومنصات التواصل الاجتماعي، وكادر للموقع الرقمي لمحتوى الصحيفة الذي يقدم المادة الإعلامية بشكل نصي عبر المدونات أو تلك المواقع، تماما كما قمت الآن بكتابة هذا المقال وتقديمه لكم.
كما استطاعت سوق الصحافة الإلكترونية استقطاب الكثير من الاختصاصات التي تساعد في تقديم المحتوى الإعلامي عبر شاشات التلفاز ومنصات التواصل، مثل مهندسو الديكور والإضاءة، أخصائيو التجميل والمكياج والألبسة لتجهيز الإعلاميين وضيوفهم للظهور بحلة راقية وأنيقة، ومهندسو الإلكترون والتحكم لتجهيز استوديوهات الإذاعة والتلفزيون بالتقنيات التي تسهل عملية بث المحتوى.
وبالتالي فإنه بإمكانك أن تكون جزءا من شبكة الوظائف تلك حسب اختصاصك، ونصيحتي لك لكي تبدأ في الكتابة والتدوين، هي أن تقوم بكتابة محتوى خاص بك تتحدث في عن اختصاصك وخبراتك، وتتدرب من خلالها على صناعة المحتوى وتقوي مهارتك في الكتابة والبحث والتقصي عن المعلومات. وبذلك ستمتلك معرض أعمال خاص بك يدعم سيرتك الذاتية، وفرصة أكبر للتسويق لنفسك والتواصل مع المهتمين في هذا المجال.
بهذه الطريقة تضمن أن تحصل على جمهور وفي من المتابعين الخاصين بك، يقومون بدعمك والترويج لمحتواك وأفكارك التي يمكن أن تؤثر في عدد كبير من الناس في حال كان المحتوى الخاص بك تعليمي وإرشادي، ومن هنا تزداد قيمتك المعرفية والعلمية مع ازدياد شريحة متابعيك، لتصبح أنت محط اهتمام لدى شركات الإعلام والصحف الرقمية، ولست الباحث عن فرصة العمل لديهم.
خلاصة القول، فإن الصحافة هي جزء من الإعلام، ولكنها تختص في التقصي عن الأخبار والقيام بالتحقيقات والأبحاث للوصول إلى المعلومات الصحيحة، ومن ثم تجميع تلك البيانات والمعلومات في مادة صحفية جديدة، تكون ذات جودة عالية وعلى درجة كبيرة من المصداقية والشفافية لتكسب اهتمام القرّاء والمتابعين على جميع وسائل التواصل الاجتماعي.
وتأكد أن الصحافة باتت جزءا مهما في حركة المجتمعات وتطورها، ولا يمكن الاستغناء عنها على الإطلاق لأنها لاعب أساسي في التسويق والترويج لأفكار المجتمعات والأشخاص والمؤسسات والحكومات، وهي عنصر مؤثر في إثبات الهوية والوجود والتفاعل مع الشعوب، لذلك اختر وسائل الإعلام والصحف بعناية، لتضمن تحقيق الاستفادة منها والوصول إلى معلومات صحيحة وموثوقة.