على مدى العقود الماضية، تشكلت صورة قوية وملحمية لتاريخ الدولة العثمانية وعائلتها الحاكمة، ولكن مسلسل “المؤسس عثمان” استطاع أن يخترق هذا التاريخ بشكل استثنائي، ليسلط الضوء على الأحداث الرئيسية التي شكلت أساس هذه الإمبراطورية العظيمة.
يتضمن الموسم الأول من المسلسل سلسلة من الأحداث الحاسمة التي قادت إلى تشكيل هوية عثمان ونشأة الدولة العثمانية. بدأت الأحداث بتصاعد الصراعات واندلاع ثورة للسيطرة على عرش الكايي، وكان وجه الصراع يحتدم بين عثمان وعمه دوندار الذي لا يملك شخصية واضحة سواء في الحق أو الباطل، فتارة تراه يقف مع عثمان وتارة تراه يجابهه.
ويواجه عثمان فتنة من أتراك الداخل، وعلى رأسهم السيد عليشار الذي كان يمثل الدولة السلجوقية في المنطقة الحدودية ويتمركز في مدينة سوغوت، كما أنه كان يظهر الإعجاب بعثمان وجعله محاربا في صفه، في وقت شكل فيه تحالفا مع الأميرة صوفيا.
يموت أيبارس بعد تعرضه وعثمان لهجوم غادر، وهذا ما يثير غضبه كونه رفيق دربه من الصغر، ما جعله يدعو إلى الانتقام لأيبارس والتخطيط لاقتحام القلعة. ويبدأ عثمان بالفعل في تنفيذ خطته للانتقام متحالفا مع الحاكم تكفور سرا من أجل الكشف عن الخائن في القلعة.
يعود عليشار للقيام بأمور مشينة وينقلب على قضية الأتراك والفتوحات طمعا بالثروة والمنصب، ويتزوج من ابنة السيد دوندار وهي أيجول التي كانت تحب عثمان وترغب بالزواج به، ويتسبب هذا الأمر بحرب داخلية ضمن العائلة الواحدة لنسب سليمان شاه المجيد.
ويقوم عليشار بقتل ابن دوندار السيد باتور، ويبقى دمه مهدورا ليلقى بإثمه على عثمان وتشتعل نار الانتقام لدى أيجول ودوندار، كما يقع عثمان في الأسر بيد البيزنطيين بعد كشف مؤامرة كانت تحاك ضد الحاكم تكفور والذي قتل على يد زوجته صوفيا.
يسعى الشيخ أديب علي لتحرير عثمان من الصليبيين من خلال مبادلته بسيف مقدس بالنسبة للصليبيين، ولكن يتمكن عثمان من الهرب والنجاة من الموت ويهرع مسرعا لإنقاذ الشيخ أديب علي من والد صوفيا الكاهن يانيز الذي كان رأس الفتنة في هذا الموسم لعدة حلقات.
خلال رحلة عثمان في القلعة يلتقي بالسيدة بالا ابنة الشيخ أديب علي، ويتواجه بها ومع مساعدتها، ومن ثم يتعرف لاحقا عليها في دكان الشيخ في سوغوت ويعجب بها أكثر وتبدأ قصة حبهما، ولكن يانيز يعلم بهذا الحب ويقوم بتسميمها وخطفها، ويسعى عثمان لإيجاد بالا وإنقاذها ومن ثم العثور على الترياق.
يتمكن عثمان من إنقاذ بالا بعد إلقاء القبض على يانيز ومبادلته بالترياق وإعادته إلى صوفيا قبل أن يلقى حتفه لاحقا، وتكشف مؤامرة عليشار ويظهر الحقيقة للسيد دوندار الذي خسر ابنه وزجته وأصيبت ابنته أيجول بالجنون عقب وفاة أمها أمام أعينها في مأدبة عرس عثمان التي قامت بتسميم الطعام للقضاء على عثمان وأصدقائه.
وفي أعقاب انتهاء فتنة الداخل يظهر المغول فجأة ويغزون المنطقة الحدودية ويهاجمون سوغوت ويحاصرون قبيلة الكايي ويقمون باسر عثمان ومحاربيه، وهنا يواجه عثمان بالغاي بمفرده بعد وقوع جميع المحاربين في الأسر، ويحصل على مساعدة من ذوي اللحية البيضاء الذين يكون طريقهم التفاحة الحمراء (أي الجنة)، ويأتي عثمان بوثائق مغولية تعود لجنكيز خان، وهي خنجره ودستوره.
هذه الوثائق تمنح صاحبها قوة تستطيع جمع المغول تحت راية حاملها، وهذا ما يطمح بالغاي للحصول عليه بعد اكتشاف وجودها بيد عثمان، وهنا يبعد خطر المغول عن قبيلته ويصبح في تحالف مؤقت مع بالغاي الذي يسعى للقوة والسيطرة على جميع المغول، وهذا ما عرضه عثمان عليه فقط من أجل حماية القبيلة.
يلعب عثمان على بالغاي ويقوم بخديعته ويحارب قواته ويقضي عليها بالتدريج ولاحقا يحصل على مساعدة من مساعد بالغاي وهو جوكتوغ الذي يكشف أن أصله تركي ولديه شقيقا يحارب في صف عثمان، ويلعب دورا كبيرا في كشف خطط بالغاي والقضاء عليها.
يلعب الشيخ أديب علي دوراً مهماً كقائد ديني وروحي دعم جهود عثمان وأصدقائه في بناء دولتهم الجديدة، كما تناول الموسم أيضاً تفاعل عثمان مع قبائل أخرى وتبادل الصراعات، بما في ذلك الصراع مع عليشار السلجوقي وسبوتاي وبالغاي المغوليين.
وبالإضافة إلى ذلك، ركز الموسم على العلاقات الشخصية لعثمان مع شخصيات أخرى، بما في ذلك علاقته المستقبلية مع زوجته بالا خاتون، فضلاً عن تفاعلاته مع الأصدقاء والعائلة بما فيهم بوران وإخوة عثمان.
تعرض عثمان لمواجهات متعددة للحفاظ على سلطته وتوسيع أراضي سيطرته ودولته، سواء من التهديدات الداخلية أو الخارجية، وفي خطوة تاريخية، يبدأ عثمان ببناء قلعة سوغوت وتعزيز قوة المدينة، التي أصبحت نقطة مهمة في تاريخ تأسيس الإمبراطورية العثمانية.
وعزز عثمان قوته بتحالف استراتيجي مع مدينة سوغوت الهامة، قبل سيطرته عليها وضمها للكايي بعد قتل عليشار والتخلص من نفوذه، مما عزز موقفه وثباته كقائد طموح وحكيم.
يتحالف بالغاي مع صوفيا ويحاولان القضاء على عثمان، ولكن عثمان يواجه بالغاي والقوة الخاصة بصوفيا، يتغلب عثمان على بالغاي ويقتله، ولكن عثمان يصاب إصابة بليغة من قوات صوفيا، ويؤخذ جريحا إلى القبيلة.
يستغل عثمان هذه الحادثة، ويطلق خبر وفاته للجميع وتحتفل صوفيا بذلك، ويقوم الحاكم آيا نيكولا بإرسال قوات عسكرية إلى قلعة كوملوجا هيسار لدعمها وللقضاء على الأتراك، وتصل القوات أثناء حفل صوفيا ومعهم هدية سجادة حمراء، ليكشف لاحقا أن قائد قوة الدعم قد قتل وتخرج جثته من السجادة ويكشف عثمان عن نفسه حيا من بين الجنود الذين قدموا على أساس أنهم قوة الدعم.
يواجه عثمان صوفيا ويتمكن من القضاء عليها وقتلها، ويفتح قلعة كوملوجا هيسار ويعلن للجميع هذا الفتح، ويدعو الشيخ أديب علي وجميع رفاق دربه والسيد بامسي والغازي عبد الرحمن وعمه دوندار إلى القلعة للاحتفال بهذا النصر.
وبهذا ينتهي الموسم الأول من عثمان، معيدا الأمل للأتراك ومشعلا نار الجهاد والفتوحات وأن الأتراك قادرين على مجابهة الأعداء في الداخل، وأن حلم عثمان بشجرة الدلب التي رأها في منامه وأن نسله سينتشر وسيحكم العالم قابل للتحقق، وبداية البذور كانت بتحرير هذه القلعة التي ستتبعها الكثير من القلاع والمناطق الاستراتيجية التي ستشكل نواة الدولة العثمانية والتي سيحكمها أبناءه لاحقا.
هذا العمل الكبير ليس مجرد مسلسل ترفيهي، بل رحلة ملحمية تروي بدايات إمبراطورية عظيمة، مما يجعله محط أنظار الجماهير الباحثة عن الإثارة والتاريخ.
لمتابعة حلقات مسلسل المؤسس عثمان يمكنك الحصول عليها عبر موقعنا عبر الرابط من هنا، أو الانضمام إلى قناتنا عبر التليغرام والمشاهدة بدون الخوف من تقطع الإنترنت.
البطل الأساسي في مسلسل “المؤسس عثمان” هو الممثل بوراك أوزجيفيت، الذي يلعب دور السيد عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه، وهو الشخصية الرئيسية الذي يروي قصة نشأته ومغامراته في تأسيس الدولة العثمانية. كما تظهر شخصيات أخرى مهمة مثل بوران ألب (يجسده الممثل يغيت أوشان)، وهو المساعد الأول والأهم بالنسبة لعثمان فهو خازن الأسرار والمرافق الدائم له، ويساعده لاحقا في شؤون الحكم والإدارة وتأمين الحماية له ولعائلته.
كما تعد شخصية بالا خاتون أحد أبطال العمل الرئيسيين (تلعب دورها الممثلة أوزجه تورير)، وهي ابنة الشيخ أديب علي الذي يتبع له الآخيون والأخوات، وتقلت تدريبها وتعليمها منذ الصغر على يد والدها فقط الذي عوضها عن والدتها التي توفيت عند ولادتها، لتصبح لاحقا زوجية السيد عثمان التي تنشغل في أعمال إدارة القبيلة وسوغوت ويني شهير وتأمين متطلبات الأهالي ومساعدتهم، ناهيك عن دورها الكبير في كثير من الفتوحات التي قام بها عثمان.
كما يعد الشيخ أديب علي (يلعب دوره الممثل سيدا يلدز) الإنسان الذي ساهم في بناء شخصية عثمان الدينية العادلة والذي أعطاه الكثير من الدروس والحكم على مدار حلقات الموسم، وهذا ما صقل شخصية عثمان أكبر وجعله عادلا في حكمه وتصرفاته، إضافة إلى أن أديب علي ساهم في إدخال الكثير من الشخصيات في الإسلام ممن كان يحارب عثمان، لعل أبرزهم جيركوتاي (يلعب دوره الممثل شاغري شنسوي) الذي مان قائدا مغوليا ولكن شهامة عثمان وقوة إيمانه أدخلت النور إلى قلب جيركوتاي وهذا النور قام بإكماله كل من الشيخ أديب علي والسيد بامسي (يلعب دوره الممثل نور الدين سونمز) الذي كان الأب الروحي لجيركوتاي وكانا رفيقا درب خلال عدة حلقات، ليصبح جيركوتاي لاحقا أحد أهم المحاربين والفاتحين في عهد السيد عثمان.
هؤلاء الأبطال يقدمون أدواراً مهمة في تطوير الحبكة الدرامية والسرد في المسلسل، وتأثيرهم يكمن في تشكيل وجهة نظر الجمهور حول قصة تأسيس الإمبراطورية العثمانية.
قبيلة الكايي (أو القايي) هي إحدى أعظم القبائل الـ24 التي تنتمي لشعوب الأوغوز التركية، وهي إحدى الفروع التابعة لاتحاد بوزوق القبلي. وكلمة كايي تعني (الشخص الذي لديه القوة والسلطة)، ورمزها طائر السنقر الذي يعتبر أضخم أنواع الصقور.
جاءت قبيلة الكايي مع السلاجقة في القرن الـ11 إلى الأناضول قادمين من آسيا الوسطى، واستقر بعض أفراد ومجموعات قبيلة الكايي في منطقة البلقان في القرن الـ14.
يكتنف الحياة السياسية المبكرة لهذه العشيرة الكثير من الغموض، وهي أقرب إلى الأساطير منها إلى الحقائق، وكل ما يُعرف عنها أنها وصلت إلى أعالي الجزيرة بين دجلة والفرات في عهد زعيمها كندز آلب، وسكنت في المراعي المجاورة لمدينة اخلاط في منطقة الأناضول الشرقية، ثم توفي كندز آلب في العام التالي لنزوح عشيرته إلى حوض دجلة، ليترأس القبيلة ابنه سليمان شاه، ومن بعده حفيده أرطغرل، وما تزال أحجار وقبور الكثير من الأجداد من بني عثمان من قبيلة الكايي متواجدة في تلك المنطقة.
هاجر أرطغرل مع عشيرته لاحقا إلى مدينة إرزينجان، وكانت مسرحا للقتال بين سلاجقة الروم والخوارزميين، فالتحق بخدمة الأمير علاء الدين سلطان قونية، التي تعد الإمارة السلجوقية الرئيسية للدولة، والتي تأسست عقب انحلال الدولة السلجوقية العظمى.
ووفقا للمعلومات التاريخية فقد تركت قبيلة الكايي منطقة أخلاط حوالي سنة 1229 م تحت ضغط الأحداث العسكرية التي شهدتها المنطقة، وبفعل الحروب التي أثارها السلطان جلال الدين الخوارزمي، لتهاجر إلى حوض دجلة.
وبدأ أفراد قبيلة الكايي بالنزوح والهجرة من الشرق إلى الغرب كغيرهم من قبائل الأوغوز التركية الأخرى في زمن السلاجقة، حتى وصلوا إلى الأناضول وتحديدا إلى المناطق الغربية منها، وأسس السيد عثمان هناك الدولة العثمانية في الأناضول (آسيا الصغرى).
في تركيا الحالية، تُعتبر محافظة بيله جك (بيلاجيك) هي مركز قبيلة الكايى، وترجع أصول سلالة العثمانيين الذين كانوا حكام الدولة العثمانية والخلافة العثمانية إلى هذه القبيلة نفسها.
تميزت قبيلة الكايي وعلى الرغم من صغر حجمها ووقوعها غرب الأناضول بأنها كانت بعيدة عن مناطق الغزو المغولي، ومناطق النفوذ للإمارات التركمانية القوية الواقعة جنوب الأناضول والجنوب الغربي، إضافة إلى وقوعها بالقرب من الطريق التجاري الذي يربط المناطق البيزنطية في الغرب بالمناطق المغولية في الشرق.
وهذا ما جعل قبيلة الكايي الإمارة الوحيدة التي تواجه نفوذ البيزنطيين مباشرة والتي لم يقم البيزنطيون بمهاجمتها لصغرها وضعفها آنذاك، وهذا ما جعلها مركزا لكثير من التركمان الراغبين في الغزو والجهاد، إضافة إلى الدراويش والمزارعين الذين فروا من بطش المغول.
استطاعت إمارة الكايي أن تحافظ على وحدتها رغم الصعوبات والخلافات الداخلية التي واجهتها، ولكن انتقال السيادة والسلطة إلى وريث واحد وهو الغازي عثمان، سمح بالحفاظ على وحدة الصف في القبيلة مقارنة ببقية القبائل والإمارات الأخرى التي شهدت عكس ذلك.
استشهادا بالمعلومات التاريخية المثيرة للاهتمام، يشير الخبراء إلى وجود تناقضات واضحة في مسلسل “المؤسس عثمان”. يبدو أن مبتكري المسلسل قد ارتكبوا أخطاء في التواريخ وأعمار الشخصيات الرئيسية.
فقد توفي أرطغرل في عام 1281 ميلاديًا وعن عمر يناهز 93 عامًا، بينما كان عثمان في سن 21 في ذلك الوقت. ومع ذلك، في المسلسل، كان أرطغرل على قيد الحياة بينما كان عثمان قد بلغ عمر الـ23، وهو أمر غير ممكن بالطبع. وتشير المعلومات التاريخية إلى أن أرطغرل توجه قبل وفاته إلى قونية، وبحسب أحداث المسلسل، كان عمره حوالي 85 عاما، ولكن وفقًا للسجلات التاريخية كان أكبر سنا.
هناك أيضاً تضارب زمني آخر يتعلق بلقاء عثمان ببالا خاتون. ففي المسلس، حدث هذا عندما بلغ عثمان سن 23 عاماً، لكن في الحقيقة تزوج عثمان منها عندما كان عمره 19 عاماً. وكان والدها أديب علي من رفاق أرطغرل وكانوا مقربين جدا، لذا من غير المرجح أن يكون عثمان لم يلتق بالفتاة من قبل.
ومن المعروف أن وريث أرطغرل أصبح حاكما في سن 17 عاما في عام 1277 ميلادياً. العديد من البيليكات التي ذُكرت في المسلسل لم تكن موجودة في بداية حكمه، فالدول الصغيرة التي كانت موجودة في تلك الفترة كانت: أرتوقيد، تشوبان أوغلاري، كارامانيد، إينانج أوغلاري، منتيشه، برفانيه، وصاحب أتاغولاري.
هذه التناقضات الزمنية قد أثارت استغراب الجمهور، حيث يحاول المسلسل أن يقدم صورة مثالية للتاريخ، لكن التفاصيل التاريخية الصحيحة تكون أكثر تعقيدا وواقعية.
في خطوة غير مسبوقة لإعداد مسلسل “المؤسس عثمان”، خضعت فرق العمل والممثلون لتدريبات مكثفة لمدة تسعة أشهر قبل بدء التصوير، حيث تلقى الممثلون دروساً في ركوب الخيول وفنون السيوف، وتدربوا على استخدام الأسلحة القديمة وركوب الخيل. تجربة تدريبية شملت الصيد وفنون الحرب في المناطق الجبلية والغابات، حيث بنوا ملاجئهم وبحثوا عن الماء وطهوا طعامهم.
بالإضافة إلى 40 ممثلاً للأدوار الرئيسية، سيشارك 150 ممثلاً آخرين في الأدوار الثانوية و5000 شخص كـ”كومبارس”، بالإضافة إلى فريق تصوير يضم 400 شخص.
تابع حلقات مسلسل المؤسس عثمان عبر موقعنا عبر الرابط من هنا، أو الانضمام إلى قناتنا عبر التليغرام والمشاهدة بدون الخوف من تقطع الإنترنت.