في بلد يعتبر بمثابة نبض التاريخ ومهد الحضارات، السودان، ترتفع الأصوات اليوم لا للإشادة بعظمة الماضي بل لإدانة واقع يغير ملامح الحريات ويُسكِت دقات قلبها النابض: حرية الصحافة.
الخبر الذي اتسع انتشارا كالهشيم في موسم الجفاف، هو اعتقال الصحفي صديق دلاي بواسطة الاستخبارات العسكرية بالدمازين، تلك المدينة الواقعة بإقليم النيل الأزرق، لتطرح بعنف على طاولة المناقشات الدولية.
صرخة في وجه القمع: الاعتقالات تلوّح في سماء حرية الصحافة بالسودان
لم يكن هذا الاعتقال سوى حلقة في سلسلة متواصلة من الأحداث التي تُحاكي قصة الصدام بين الصحافة وظلام القمع، حيث لا يمر يوم إلا وتأتي أنباء تُثير القلق حول وضع الصحفيين في السودان.
التقرير الصادر عن نقابة الصحفيين السودانيين لا يترك مجالاً للشك حول مدى خطورة الوضع الحالي، حيث الاعتقالات التي تتم بشكل جائر يُستهدف بها الصحفيين والصحفيات لإسكاتهم والتنكيل بهم.
يُعد هذا السجل السيء لحقوق الإنسان ناقوس خطر يُحذر من تراجع حاد في حرية الصحافة والإعلام، والأهم من ذلك، حرية التعبير التي يُفترض أن تكون العمود الفقري لأي مجتمع ينشد التقدم والازدهار. الأرقام التي سجلتها النقابة والمتمثلة في اعتقال واحتجاز (39) صحفيا، منهم (5) صحفيات، ليست إلا دليلا على هشاشة الحالة الراهنة.
ويجب على المجتمع الدولي وجميع المنظمات الحقوقية المدافعة عن حرية الإعلام التحرك الفوري والقوي لدعم الصحفيين السودانيين وعيرهم والوقوف ضد كل أشكال التمادي في انتهاك حقوقهم.
فلا ينبغي أن يكون الصمت خيارا في مواجهة الاستبداد الذي يُحاول بجبروته قص قوافي الحرية وتكميم أفواه الحقيقة، ولعل الصحفيين في غزة هم خير مثال على أكثر مؤسسات الإعلام التي تعاني في العالم والتي قدمت تضحيات جمة في سبيل نقل الوقائع إلى العالم.
وللأسف يستغل البعض النفوذ والسلطة لإرهاب سلطة الصحافة معتقدين أنه يمكنهم أن يُخفتوا الأصوات، ولكن تاريخ الصحافة شاهد على أن الكلمة لا تموت وأن القلم، حتى وإن كُسِر، سيبقى ذاكرة الأجيال ولسان حال لا يُعدم البدائل.