شهدت البيتكوين العام الفائت انهيارات كبيرة وغير متوقعة بعد تحقيقها أرقاما غير مسبوقة ونموا هائلا في السعر بلغت عتبته العليا 67 ألف دولار في نهايات 2021، في حين أن عتبة انهياره العظمى كانت في نهايات العام 2022 عند عتبة 16 ألف دولار أمريكي.
ولكن ومنذ بداية العام 2023 بدأت الأمور بالتغير تدريجيا لصالح البيتكوين، وشهدت ارتفاعا متقلبا حتى وصلت إلى عتبة جيدة لم تشهدها منذ 10 أشهر مضت، كانت عند وصول البيتكوين نهاية مارس الفائت إلى عتبة 29 ألف دولار أمريكي.
ومع تحقيق البيتكوين لهذه المكاسب عادة من جديد إلى ساحة السوق العالمية لتنافس بقوة كما عهدها الكثيرون، وبدأ الكثير من الخبراء والجهات بالتوجيه لإعادة الاستثمار في البيتكوين كونها أفضل العملات الرقمية من حيث العوائد العام الماضي.
تساؤلات عديدة حول فرص الاستثمار في البيتكوين
وتُطرح العديد من التساؤلات حول فرص الاستثمار في البيتكوين ومدى جدواها خاصة في ظل الأزمة المصرفية التي عاشتها الولايات المتحدة مؤخرا، والتي نتجت عن إفلاس ثلاثة من أشهر بنوك العالم، نجم عنها خسائر بمئات مليارات الدولارات خلال أيام معدودة، والتي تسببت أيضا بانهيارات كبيرة في سوق العملات الرقمية لبرهة قصيرة، لم تلبث حتى تقود البيتكوين السوق نحو الارتفاع وتعويض الخسائر بعد تحرك مدروس من شركة بينانس.
وتشير التحليلات والبيانات الفنية إلى أن البيتكوين حققت مع أدائها الأخير مستوى جديد لم تصل له منذ 10 أشهر، وهنا يتسائل المستثمرون عن جدوى الاستثمار في البيتكوين وفق النموذج 60/40 الذي يقوم على تخصيص 60% من رصيد العملة في الاستثمار المباشر و40% كسندات.
لنجد الإجابة لا بُد من الانتقال أولا إلى المؤشرات والأرقام التي حققتها البيتكوين.
كيف كان أداء البيتكوين خلال الأعوام الماضية؟
تشير حسابات منصة Morningstar Inc أن المستثمرين الذين قاموا باستثمار 1% من البيتكوين في نموذج 60/40 قد خسروا بنسبة 8.77% في حين أن المستثمرين الذين لم يلجأوا لنموذج محفظة 60/40 قد خسروا بنسبة 8.93%، وهي خسائر قد يراها البعض كبيرة، لكن بالمقارنة مع نسبة انهيار البيتكوين التي بلغت 40% خلال عام 2022 فإنها خسائر ليست مخيفة لتلك الدرجة.
لكن بالنسبة للبيتكوين لا يمكن التنبؤ بمستقبل أدائها في السوق، ولا يمكن الاعتماد على البيانات التاريخية لها أيضا، ووفقا للمعطيات الحالية فإنها تشير إلى أن البيتكوين تتجه نحو الارتفاع وقد تكون حانت اللحظة المناسبة لإعادة الاستثمار وتحقيق بعض المكاسب التي تعوض خسائر العام الفائت.
يشير مايك ماكجلون، كبير خبراء الاقتصاد في Bloomberg Intelligence، إلى توقعاته بوصول البيتكوين إلى 100 ألف دولار، ولكن الأمر يحتاج بعض الوقت ليس إلا، وهي تسير نحو تربعها على عرش الاقتصاد العالمي وتحولها لضمان رقمي عالمي، مثل الذهب، في ظل التقدم التقني الحالي، وحتى لو تعرضت لبعض التخبط فهي ستصل في النهاية إلى الطريق الصحيح.
لماذا لم تتأثر البيتكوين سلبا بالأزمة المصرفية في الولايات المتحدة؟
يرى الخبير جيمي دوغلاس، كبير المحللين الفنيين في Bloomberg Intelligence، أن البيتكوين تسجل حاليا ثاني أفضل أداء لها خلال الربع الأول على مدار العشرة أعوام الأخيرة، وتسبب النمو في بداية العام إلى ارتفاع سعر البيتكوين في نهاية العام أيضا.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تعرضت لعدة أزمات في القطاع المصرفي، وكانت البيتكوين تنخفض في كل مرة، إلا أنه ومع حلول الأزمة المصرفية الأخيرة تحركت البيتكوين في اتجاه مخالف وصعدت نحو الأعلى، مما يشير إلى قيام المستثمرين باختيار قرار المقاومة ومحاولة مواجهة الازمة الحالية وتجاوزها بأقل الخسائر الممكنة.
تؤكد هذه البيانات والتحليلات أن الاستثمارات الصغيرة هي الأنسب للمستثمرين في تحقيق مكاسب أفضل على المدى البعيد، فتخصيص الاستثمار بنسبة 1% كان أقل تقلبا مقارنة مع نموذج محفظة 60/40 بالمقارنة مع فترة الـ 10 أعوام الأخيرة.
تحرّك كبير من المستثمرين لإنقاذ البيتكوين من الانهيار
قد يتوجب على المستثمرين الذين يرغبون بالاستمرار في استثمار البيتكوين، المقاومة والنضال ضد تقلبات السوق وحل مشاكل السيولة في البيتكوين، وإيجاد حلول فعّالة لمواجهة عقبات الاستثمار في ظل الإطار التنظيمي الحالي.
وكان سبب إنشاء Grayscale Bitcoin Trust برأس مال استثماري يبلغ 14 مليار دولار، هو إيجاد طريقة لاستثمار البيتكوين بطريقة فعّالة بدلا من شراء البيتكوين عن طريق محفظة رقمية، لكنها تفرض رسوم 2% وهي رسوم مرتفعة مقارنة مع رسوم الشبكة الأساسية.
هل سيصبح الاستثمار في البيتكوين مربح في المستقبل؟
يرتبط الاستثمار في البيتكوين بالعديد من المتغيرات، لعل أبرزها اليوم هو التغيرات التنظيمية في سوق العملات الرقمية، والإجراءات التي تفرضها لجنة الأوراق المالية والتي يراها الكثيرون أنها ذات طبيعة عدائية لسوق العملات الرقمية، في حين يجب أن تكون هي الطريق نحو كسب الثقة وزيادة تبني العملات الرقمية.
وخلاصة التحليلات السابقة، نستنتج أن تخصيص نسب استثمار صغيرة في البيتكوين وثابتة إلى حد ما، ستحقق مكاسب مقبولة للمستثمرين على المدى الطويل، وقد تكون فرصة لكسب ثروة لم يستطع أحد تحقيقها من قبل، خاصة مع توقع ثيران البيتكوين وعلى رأسهم كاثي وود، بأن البيتكوين ستبقى في القمة كإثبات لشرعية اللامركزية وأهمية وجودها في سوق المال والأعمال الحقيقي والرقمي.